السبت، 31 أغسطس 2013

الخاتمية والعلمانية

الشيخ حسن المالكي من العلماء الفضلاء الذين نجلهم و نحترمهم فهو مشهود له بجرأة البحث و دقته و إنصافه. وكثيرا ما قمت أنا شخصيا بنقل أبحاثه بمختلف وسائل التواصل. أما مقاله (العلمانية هي الحل) هذا فهو رأي شخصي منه وليس بنتائج بحث وهو يهدف بهذا المقال -على حسن ظننا ومحيانا له- إلى هز مشاعر الذين يذبحون و يبقرون البطون باسم الاسلام -إن كان لا يزال لديهم مشاعر- أمام ما اقترفوه من وحشية و ظلم باسم الإسلام. وقد استخدموا الإسلام مطية لأغراضهم الدنيئة. إن الشيخ حسن يرى أن كل ذلك وقع باسم المذهبية و باسم الفرقة الناجية الوحيدة التي ادعوا بهتانا وزورا أنهم يمثلونها فوقعوا في كبيرة تكفير جميع المسلمين. وارتكبوا باسمها جميع الموبقات ومن هنا جاءت رسالة المالكي لنبذ الطائفية والمذهبية والعنصرية المنطلقة تحت مظلتهما. وإن كان ولا بد، فيستطيع حسب رأيه أن يأخذ المتأسلمون استراحة المحارب و يسلموا مقاليد الأمور إلى العلمانيين إلى أن يعودوا إلى رشدهم.

وهنا تقع المشكلة لدى ما كتبه الشيخ المالكي، فعندما نحاكم دين الله بما فعله عباد الله فسوف يقودنا ذلك إلى اليأس من رحمة الله "وما أرسلناك الا رحمة للعالمين" وإن ما سبق من تجارب للأمم و الشعوب، منذ بعثة خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وآله ورسالته الخاتمة لكل الرسالات التي جاءت للبشرية في دورتها الحالية "آدم الدور الحالي"، لم تقتضي مصداق الآيات القرانية الكريمة التي تؤكد على أن الدين الإسلامي هو الدين الصحيح والقويم الذي ارتضاه الله لجميع عباده وأن هذا الدين قد أتمه وسوف يظهرهه على الدين كله وأن إعمار الأرض سوف يكون ناموسها وطريقها هذا الدين. هذا لم يحصل لدى الأمم التي سبقتنا، ولكن كل ذلك لا بد سوف يحدث. وهذا وعد من الله (السنن الكونية)، فهذا الوعد منوط في خلافة الإنسان لله في أرضه و مترسخ فيه تكوينيا وغائيا، فهو ظل الله في الأرض و مستودع روحه و يده التي يرمي بها.

ولقد أساء الكثير من المسلمين لمفهوم الخلافة ومنهم أتباع مدرسة أهل البيت الذين اساؤوا الفهم في مفهوم ظهور الدين الإسلامي على بقية الأديان وإتمام نور الله وإلى اعتناق البشرية لهذا الدين بأن ربطوا ذلك بشخص الإمام المهدي وحده. و هذا خلاف الفلسفة العرفانية و التأويل الذي يذهب إليه الكثير من علمائنا الأجلاء وقد أشاروا إلى أن الإمام المهدي قد لا يخرج قبل عشرات الآلاف من السنين إن لم يكن اكثر (قائم الدور الجديد). وقد أشار إلى ذلك سماحة السيد كمال الحيدري في بحوثه الأخيرة على قناة الكوثر، اعتمادا على مفهوم الخاتمية للوحي وللدين الذي يقودنا إلى الاعتقاد بأن الإنسانية تسير إلى تكامل في عقلها ووعيها وإرادتها في تطبيق مفهوم الخلافة. وهذا يتطلب عملية صعبة وجادة لصياغة وإعادة الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم والوثوق بأن الإنسانية سوف تصل إلى الفهم الصحيح لهذا الدين وسوف ترتضيه وسوف تطبقه وستكمل مسيرتها به وبأنظمته وشرائعه فيما تبقى للبشرية من زمن في دورتها الحالية. وسوف يتم ذلك سريعا وبأيدي جيلنا والأجيال القادمة فقد خرج يوسف من السجن وألقى قميصه على بني (إسرائيل ) البشرية وارتدت إليهم بصيرتهم بأن أهداهم الآيات المحكمات في قرآنه الكريم.

-------------
رياض الشيخ باقر
31/08/2013