الاثنين، 27 يناير 2014

من جمال القصص القرآني: قصة بلقيس

امتزح الحدث بقيام الحرب مع العشق في كلمات استخدم فيها القرآن الكريم اللفظ و طوعه عبر رحلة كان السيد فيها للرموز، يصوغ البيان الجمالي في قصة بلقيس. ولا يغيب عن فكرنا استحضار دلالة المعاني التي قصدها القرآن الكريم في استخدامه للكلمة الرمز و بحضرني في هذا المقام بعضا منها على النحو التالي :

1- الطير هو كبير دعاة نبي الله سليمان (أمين سر الدعوة)، حيث أن جميع المراسلات بين الدعوة وقيادتها وهيكلها تتم عبر الرسائل المشفرة التي تحملها طيور الحمام الزاجل.

2- الهدهد هو اسم أو لقب لآخر ملوك اليمن "أب بلقيس" قبل تولي بلقيس الملك وهذه إشارة إلى أن المملكة لا تزال إرث ملكي في أبناء الهدهد ولو تولّت دفته بلقيس.

3- استخدم نبي الله سياسة الترهيب والوعيد وعرض القوة كي يجعل القوم يأخذون خيار المفاوضات على خيار الحرب. واستخدام الإرهاب النفسي، المتمثل في قوله لأذبحنه أو لأعذبنه، أتى بمفعول الترهيب الذي طمح له سليمان حقنا للدماء. ويؤكد ذلك قول بلقيس "إن الملوك إذا دخلوا قرية جعلوا أعزة أهلها أذله"، و توكيد القرآن على أن ذلك هو ديدن الملوك بقوله المعقب على قول بلقيس "وكذلك يفعلون".

4- "كشفت عن ساقيها" هو مصطلح بأن أوراق الحرب قد انكشفت و من ثم بانت عورة الخصم "انهزمت الخطوط الأولى لجيش بلقيس حال دخوله في المفاوضات وإرسال الهدايا مما عجّل من التسريع في القبول بشروط نبي الله سليمان مقابل سحب جيوشه وعدم قيامه بالحرب.

5- "الذي عنده علم الكتاب" إشارة إلى وسائل النقل التي سوف تتطور في المستقبل، ضمن علوم السنن الكونية التي استودعها الله في كونه والتي هيأ خليفته الإنسان بمعرفتها عبر اكتشافاته.

وقد اختصر اللفظ القرآن في صيغ جمالية كل هذه المعاني و غيرها مما لا يسع المقام لذكرها هنا.

رياض الشيخ باقر
27/01/2014

الاثنين، 20 يناير 2014

انا ابن الذبيحين

"انا ابن الذبيحين" قول للصادق الأمين محمد صلى الله عليه و آله و سلم، حرفت معانيه السامية كما حرّفت الكثير من المفاهيم القرآنية و السيرة العطرة لآل إبراهيم و آل عمران وللسيرة العطرة لرسول الله وآل بيته، فقام الجهاز الإعلامي للسلطة الأموية بمراجعة كاملة لهذه السير العطرة وأعيدت كتابتها على ضوء التوراة المنحولة. ولنأخذ مثال حادثة حفر عبدالمطلب لبئر زمزم مثالاً فالرواية الأموية لهذا الحدث أرادت تشويه الواقعة التاريخية التي تسامى فيها عبدالمطلب خاتم أوصياء الأنبياء. عبدالمطلب و ما يحمل من إرث ومعتقد إبراهيمي خالص لله وحده قدم ابنه و حبيبه عبدالله فداء لاستخراج ماء زمزم بعد أن حاجّه قومه فيما أراد من عزمه بترحيل إلههم هبل عن مكانه، وليس كما ادّعى رواة بني أمية بأنه ألزم نفسه بنذر يذبح فيه ابنه إن أعطي عشرةً من الأبناء  ما حكته رواياتهم بانه فزع عندما رمت العرافة حجر الاختيار فوقع على عبدالله، كل هذا كذب.

أما بخصوص الفداء الأول المتمثل في رؤية أبو الانبياء وخليل الرحمن إبراهيم الرؤية الصادقة، فإن المؤسف هو القول أنها ليست كما فسرها مفسرو بني أمية ومتهودة المدينة واليمن كأمثال كعب الأحبار وعبدالله بن سلام ووهب بن منبه الذين امتلئت كتب التفاسير والراوية من أحاديثهم المكذوبة على إبراهيم وعلى موسى وعلى رسولنا محمد صلى الله عليه واله وسلم، وعلى جميع الانبياء والمرسلين. ولقد تجنبت عمداً الحديث عن رؤية ابراهيم الخليل عليه السلام التي يشار إليها بالذبح الاول، لأن هذه الرؤيا تدخل فيها معانٍ كثيرة وجوهرية تحكم علاقة الإنسان بخلافة الله ، سواء في استيداع الروح في جسد الإنسان أو في خلافته لهذا الكون. كما أن معرفة طبيعة الوحي وعلاقته بالزمان والمكان يتداخلان في رؤية نبي الله ابراهيم. لذا فإن الحديث عنها حديث عرفاني وفلسفي لا يسع المقام هنا لذكر كل هذه التفاصيل الحساسة والمعقدة والتي هي محور العقائد الدينية السماوية.

إن أضغاث الأحلام هي خلاف الرؤية الصادقة،  القرآن الكريم يؤكد أن ابراهيم ع "اني أرى في المنام" ورؤية الأنبياء تتادخل مع قوانين السنن وحكمة الله في حفظه لهذا الدين بخلاف ما أشاعته كتب بني أمية عن عبدالمطلب أنه نذر نذراً. فمقام عبدالمطلب رفيع جداً فهو إمام زمانه، وإنما هي رؤية جاءت له تأمره بحفر ماء زمزم. وفداءه لابنه عبدالله ما حصل إلا عندما أصر القوم عليه مقابل إله الآلهة هبل، ولكونه مؤمن بربه قبل تحديهم ولم يخيّب صدق إيمان عبدالمطلب وخرج ماء زمزم.

الأحد، 19 يناير 2014

الخرافة و بنو امية: مثال من التاريخ المزور على أباء النبي

الخرافة و بنو امية معولان قاما بهدم التراث المجيد لهذه الامة. فسيقت معظم الحوادث التاريخية بطريقة غامضة فجة، استغل خلالها كتاب بني امية سوء فهم الغيب حتى أصبحت الأحداث التاريخية محلّ خرافة عشعشت فيها حتى افتقدت القصد منها. وأود أن أدلل على كلامي بقول رسول الله " انا ابن الذبيحين " فهذا الحديث صحيح و تؤكده الوقائع التاريخية دون الوقوع في فخ الأسطورة او فخ التزوير الأموي التاريخي.

وأذكر حادثة واحدة هي الاخيرة التي افتدي فيها عبدالله بن عبد المطلب من الذبح، وصحيح هو هذا الفداء وهذه الواقعة، ولكن ليس كما أشارت الحكاية الواردة ذكرها أو كما أشاع كتّاب بني أمية للتاريخ زورا، بأنّ عبد المطلب نذر نذراً، أن إذا رُزق عشرا من الأبناء فسوف يتقرب بذبح أحدهم. حاشاه، فأي عاقل يفعل ذلك؟ فما بالك بسيد قريش وزعيمها وسيد دار الندوة وزعيم أتباع الحنيفية التي ما زالت تعبد الله حق عبادته على الملة الإبراهيمية السمحاء لم تتلوث بما قام به أتباع التوراة المنحولة ولا أتباع المسيحية التي الهت المسيح، فهو وأولاده وأتباعه لم يسجدوا لصنم ولم يتقربوا لها بقربان، فكيف به يفعل شنيعة بذبح ابن من صلبه، وهذه معرة في عرف العرب ولا يعملها إلا أراذل القوم.

والحقيقة هي أن رؤيا رأها عبدالمطلب أرقت منامه وأقلقته، خشية أن يوفق للامتثال بفعلها. فجاءت مطرقة مرّة ثانية واربكته بصدقها و ترددها عليه. فما كان من الصدق فيما رأى إلا أن تأكد النقر مرّة أخرى حيث جاءت له نفس الرؤية مرّة ثالثة: "أن قم يا عبدالمطلب واحفر زمزما". و قد كان غار ماؤها، واندثرت معالمها حتى كاد أهل مكة ينسون موقعها، فعزم سلام الله عليه بإخبار سادة مكة بعزمه على حفر ماء زمزم من جديد وجمعهم في دار الندوة لذلك، فثارت ثائرتهم كيف تسوّل لك نفسك أن تزيح إلهنا هبل عن مكانه و تحفر تحته، فما كان منه إلا أن ازداد إصرارا على رغبته بالحفر في هذا الموقع. وأخذ الجدال والصراخ والفرقة في القوم مدى عشرة أيام خيف على حكم قريش أن يزول من مكة بسبب إصرار عبدالمطلب على الحفر مكان آلهة قريش وإله اللات ومناة والعزى. إلى ان جادت قريحة القوم بشرط تعجيزي سوف يجعل من عبدالمطلب ينسى مطلبه المهين لآلهتهم، بأن شرطوا عليه مقابل زحزحة هبل عن مكانه سوف يتم نحر ابنك عبدالله، أعز ابناءك إن لم يكن هذا الموقع موقع زمزم حسب زعم عبدالمطلب.

فما كان من عبدالمطلب إلا أن فرح بشرطهم مع ما فيه من توحش واستسلام للأصنام مقابل مصلحة سوف ينتفعون كلهم بها. فما أدراك ما لجلب الماء لمكة من مكان بعيد من مشقة و تعب وهدر للمال. كل ذلك استكانة و ثقة مطلقة بربه الذي يعبده. فهو لن يخيبه ولن تأتيه رؤيا صالحة في كل جوانبها و يتقاعس عن أدائها بسبب أهواء مضللة من قومه. فأزيح هبل وهو على شكل رجل ضخم مصنوع من العقيق اليماني و في اثناء زحزحته عن مكانه سقط و كسرت يده اليمنى ، فثارت ثائرة قريش وتوعدت عبدالمطلب شراً بابنه عبدالله، وأن أموال الدنيا لن تعتق رقبته من سيوفهم، وباشر عبدالمطلب بحفر زمزم إلى أن صدقت الرؤيا بتدفق مائها من جديد. وابتهل عبدالمطلب وآل قصي كلهم إلى الله بأن جعل ماء زمزم مشاع لأهل مكة ولحجاج بيته المحرم. وقام بنحر مئة من الإبل  زيادة ابتهاجا على ما أكرمه الله وعلى منه له بأن أخرج ماء زمزم على يده. أما قريش فاكتفوا بصنع يد من ذهب تجارتهم المستودع في سرداب الكعبة وألبسوها هبل بدل اليد اليمنى التي كسرت.




السبت، 18 يناير 2014

الدي إن أيه، وتاريخ البشرية

إن موضوع DNA من المواضيع العلمية المهمة التي يجب ان ينظر إليها من الزاوية العلمية البحتة. ولا يزال هذا العلم شأنه شأن أي علم يتطور و يضيف إضافات أخرى قد تختلف نتائجها فيما بعد عما سبقتها من نتائج وأخص في قولي هذا الماضي السحيق من تاريخ البشرية. أما الأبحاث والنتائج التي توصل لها هذا العلم الجليل في تاريخ السلالة البشرية في عصرها الحديث فهو محل تقدير واحتجاجي فيما أقول في التالي :-
١- هناك فرق بين قولنا أن البشرية من رجل واحد وأم واحدة و بين قولنا أن الجنس البشري الأول الذي تكونت منه البشرية جنس واحد، فالقول الأول يستند إلى أسطورة توراتية، في حين أن القول الثاني يستند إلى خطاب قرآني يتمثل في قول الباري عز و جل "اذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الارض خليفة" فالعرفاء يقولون أن الخطاب موجه إلى مجموعة من الملائكة استجابت لقول الباريء و تكونت منها البشرية الأولى، ودليلهم على ذلك هو قصة أهل الكهف فهي تشير إلى المجموعة التي تكونت منها الانسانية سواء في دورتها الأولى أو في دوراتها المتعاقبة.
٢- يستند العرفاء إلى قول رسول الله محمد ص " قبل آدمكم هذا الف الف آدم و بعد آدمكم هذا الف الف آدم". ومعروف أن العرب يستخدمون ألف ألف "مليون" للكثرة اللا متناهية. فهم لا يقصدون عدد المليون ومن هنا يقول العرفاء أن تاريخ البشرية على الأرض  منذ الأزل و دورة آدم، أي الدورة البشرية الواحدة مدتها الزمنية خمسون ألف سنة.
٣- كذلك يعتمد العرفاء على أن بداية دورة آدمنا الحالي البشرية الجديدة الحالية كانت قبل سبعة آلاف سنة من بعثة رسولنا محمد ص استنادا لقوله ص "بيني و بين آدم سبعة آلاف سنة".
٤- إن مقولة سام ابن نوح هي مقولة توراتية منحولة.
٥- هناك مغالطة كبيرة في تعريف العرب العاربة والعرب المستعربة، فالحقيقة أن العرب العاربة هم ولد عدنان من ولد إبراهيم، و العرب المستعربة هم القحطانيون من الأصل السومري الذي غزا البلاد العربية ( البلاد الآرامية ) وليس أخوين باسم عدنان و قحطان. ودليل ذلك أن فاصل التسمية آرامي ، فـ "عدن" معناها الجنة ، أي المدينة المتحضرة الكثيرة الشجر والزرع وذات البناء والثروة، و معنى " آن " هو السيد، و بالتالي فهو لقب للسيد الذي بنى المدينة المتحضرة و هو لقب اشتهر به الجد الأكبر لرسول الله، أما عكسه فهو قحطان، و هو لقب التصق بكل القبائل التي تعود أصولها للسومريين المستعمرين الذين دمروا حضارة إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد.
٦- يؤكد المؤرخ العراقي العظيم جواد علي، بالصلة الوثيقة بين الآراميين الذين عاشوا في بلاد الرافدين و الضفة الغربية للخليج العربي و بين الكنعانيين الذين عاشوا في بلاد الشام وأطراف سيناء (السريانيين) وبين العرب الذين عاشوا في الجزيرة العربية، فهو يؤكد أن كل من عاش بين دفتي النهر، شرق دجلة و غرب النيل هم من أصول واحدة سميت في عصور مختلفة بأسماء مختلفة كما سبق ذكرها آنفا، وهذه الحقيقة يؤكدها القرآن الكريم في مواضع عدة لا مجال لحصرها حالياً.

كما يؤكد هذه الحقيقة علماء اللغة بعد الرجوع الى جذر الكلمة العربية و تدقيق معناها الآرامي أو الكنعاني.

وللحديث بقية ، مع التحية

رياض الشيخ باقر
19/01/2014