الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

الانزياح الدلالي للمصطلح

الانزياح الدلالي للمصطلح: هو ما يعرف بالانزياح المفاهيمي للمقولات. فتاريخ الفكر يزخر بأمثلة شتى طوال مراحله، فكثير من المفاهيم البسيطة أصبحت غاية في التعقيد  والغموض. وبسبب عوامل شتى انحرف المعنى إلى ناحية لم يكن مؤسسوه يريدونه، بل كانوا يهدفون إلى ما هو ضده، وما ظنوا يوما أن مقولاتهم سوف تنجر إلى ما انجرت إليه. وقد أدى هذا الانجرار إلى اغتيال العقل في عالمنا العربي و الإسلامي.

 كل ذلك حدث في مراحل سياسية متقدمة من تاريخ الدعوة الإسلامية سواء ما حدث في القرنين الثاني و الثالث الهجريين على يد الدولتين الأموية و العباسية (الدولة السنية) أو في مراحل متأخرة في القرن السادس والعاشر الهجريين تمثلت على يد الدولتين (الشيعية) البويهية و الصفوية. حيث تم قولبة الفكر الديني في سياق يخدم مصالح تلك الدول. فالدين شأنه شأن أي فكر يمكن إعادة بلورته عبر وضعه في أشكال مقولبة تبعا للظرف، بمعنى أن السياق الزمكاني والشعبي والسياسي الذي يتموضع الفكر الديني الجديد فيه بعد انزياح مفاهيمه الأصيلة عن مواضعها، سوف يقوم بإعادة إنتاج مفاهيم جديدة تفرض نفسها و تقوم بتعديلات بنيوية رئيسية في أسس  دلالة المصطلح الأصلي. ومن هنا يمكن فهم الظواهر الفكرية المتباعدة التي يحملها أهل الدين الواحد. فظاهرة التخلف الفكري أو ما يطلق عليه اصطلاحا أهل الحشوية و المجسمة، أو أصحاب الغلو أو ما يطلق عليهم مذهبياً (الرافضة) هي ظاهرة ولّدها الانزياح عن مقاصد المصطلح فانزاحت تبعا لذلك مفاهيمه و تنامت المفاهيم الانتقامية في العقل المقموع وتربعت على عرشه، وملكته تحت سياط القمع و التخلف، كل ذلك باسم الإسلام ، والإسلام منه براء.

رياض الشيخ باقر
12/11/2013