الاثنين، 25 أغسطس 2014

المؤامرة.. هل هي حقيقة ام فزاعة؟

كثيرا ما خرج علينا كتاب منهم من ينفي نظرية المؤامرة بمقالات مطولة تسخف وتحط من قدر من يصرخ خوفاً منها، والمؤامرة في المخيلة العربية تشير إلى من يتأمر ضد مجتمع مسالم آمن مطمئن يعيش رغد العيش وطمأنينته وسكونه ويقصد بالمتآمرين، تلك الخلايا الصغيرة التي تعيش ظروفا صعبة كأن تكون أقلية إثنية وعرقية مضطهدة في أوطانها او على أراضي سكنتها من مئات السنين وهي تعود لقومية اخرى.

هذا نوع من انواع التآمر ولا يعني انه تآمر سلبي أم إيجابي فالكل يريد ان ينتزع ما يراه حقاً له بالأسلوب المتاح له، إنما حصر كتابنا فيمن ينظر الى الأحداث الجسام الجارية في منطقتنا الموضوع كله بالمؤامرة ومن ثم تسخيفها او تسخيف من يراها قائمة أو ما قيل أنها أيادي تحرك أصابعها في الخفاء قضايا الشعوب، وهذا بحد ذاته ظلم لمن أراد فهم الهجمة تلو الأخرى التي تستهدف اوطانه وثرواته وهو ايضا تسطيح لمجريات الأحداث في العالم وقد نحى من ادعى فهم اللعبة السياسية هذا المنحى وبدلا من الغوص عميقا في أسباب صراعات القوميات والحضارات وتغير نمط السلوك الاجتماعي الذي شد الانتباه الى مصادر الاقتصاد والثروات الطبيعية في العالم، اخذوا بالتهكم والتهجم على ما أطلقوا عليه دعاة ”أوهام المؤامرة“.

فلا شيء في العالم متروك لمحض الصدفة، فلا وجوده ولا سير الأحداث فيه. كذلك، فإن أنماط السلوك الاجتماعي للشعوب ليست متروكة للصدفة والأحداث الطارئة.

نعم من يعيش على هامش التاريخ وهامش الأحداث من الشعوب والمجتمعات ومنها على الخصوص مجتمعاتنا العربية التي لا تفهم أبجديات التخطيط فما بالك باستراتيجياتها الدولية، هم من يعيش وهم الصدفة وهم من يجعلوا من انفسهم ألعوبة للآخرين، وبذلك يحق لمدعي الثقافة والسياسة فيها ان يبرر فشله وهروبه عن فهم مخططات الآخرين الطامعين في ثرواتهم وأن يستخفوا بمن يكشف هذه المخططات ويوجهوا أسلحتهم عليهم بدلا من توجيهها الى الغزاة الأجانب.

نظرة سريعة وخاطفة لمراكز الدراسات وجولة عبر القوقل ومواقع الانترنت سوف تصيبك بالذهول من كثرة المراكز البحثية الاستراتيجية التي وضعت خططا غاية في الدقة وغاية في التفصيل عما يجب عمله للمحافظة على ما يطلقون عليه المصالح الغربية في الشرق الأوسط.

كما لا يجب ان ننسى الماضي القريب حيث كان مسمى وزارة الخارجية البريطانية هو وزارة المستعمرات وكيف سخرت هذه الوزارة المستشرقين في الدراسات والبحوث عن العالم العربي والعالم الاسلامي، حيث وجدت هذه الوزارة ضالتها فيهم لما لهم من شغف وحب في الاطلاع والدراسات البحثية الدقيقة والصادقة، ويحضرني اسم العلامة الفرنسي هنري كوربان الذي تعامل مع وزارة المستعمرات البريطانية وقدم أجلّ وأرقى البحوث حيث يعود له الفضل في كشف تراث أخوان الصفا والتراث الإسماعيلي الفكري الذي سرقه ابن خلدون وغيرهم، كما يعود له الفضل في الغوص في العرفان الاسلامي وتسليطه الضوء على رموزه في مراحل وحقبات تاريخية مضت.

كما أن المؤلف الضخم المكون من أربعين مجلداً للمحقق والدارس ج ج لوريمر الضابط البريطاني الذي خدم هذه الوزارة بأهم الكتب التي تعد من أفضل الموسوعات المرجعية عن الخليج وقد خصص عشرين منها لشرح جغرافيا المنطقة والعشرين الاخرى دراسات اجتماعية وقبلية لأهالي المنطقة والمذهل أنه لم يترك تفاصيل التفاصيل في الحياة الاجتماعية والدينية لكل الفئات الاجتماعية التي عاشت على ضفاف الخليج من مدينة القرنة حيث التقاء نهري دجلة والفرات إلى مضيق هرمز.

كل هذه الدراسات لم يتم تخصيص الأموال الطائلة والطواقم المتخصصة وبذل لأجلها الغالي والنفيس من أجل تزيين رفوف المكتبات بل لكي توضع المعلومة الصحيحة تحت يدي من يرسم الخطط والاستراتيجيات التي تحافظ على مصالح من سهر الليالي وأنفق الأموال وجند الجنود ودفع الضرائب، إنه صراع وتدافع مصالح، لا ينال إلا بشق الأنفس. ومن كانت المعلومة والعلم وخفايا التاريخ وسنن وقوانين الطبيعة وسلوك المجتمعات وعلم الأديان حاضرة في عقله فسوف يستخدمها ويطوّعها لخدمة مصالحه، وهذا هو ما يطلق عليه التخطيط الدولي الاستراتيجي الذي تقوم به الدول ذات السيادة والكرامة التي تحافظ على مصالح شعوبها ولو تطلب منها وجود الف ميكافيلي بين اطقمها السياسية.
أما من يستخف بمجريات الأحداث الجسام تحت تفريع ”المؤامرة“ فليعد إلى لعبة البوكر التي يلعبها وإلى مشاهدة أفلام الكرتون ويكمل أكل ”القز“ لأن الأحداث ومن يصنعها في عالمنا العربي قد تجاوزوه ولم يعودوا يكترثوا لمقاله المدفوع الأجر مسبقا.

الأربعاء، 20 أغسطس 2014

مثال من التاريخ المزور على النبي: معجزة الوحي النازل على ناقة رسول الله

لقد زرع بني أمية رواية مفادها أن رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم عندما هاجر من مكة الى المدينة المنورة، اختلف الأنصار فيما بينهم كل يريد شرف ضيافته و إقامته عنده.

فجاءت الرواية بحل لهذه المعضلة فقد نزل الوحي على ناقته و دلها على مكان سكناه صلى الله عليه واله:

وكان من الطبيعي أن نصدقها هذه الرواية وأمثالها لأنها رواية منقولة بإجماع المسلمين، كما أننا رُبينا منذ نعومة أظفارنا عليها ونحن نحضر دروس السيرة النبوية. لكن مغزى هذه الرواية بعيدة كل البعد عن تلقينا البريء لها إذ تقصد ما يلي:

- ليس للرسول والأنبياء أي ميزة أو شرف بالوحي المنزل عليهم، فها هو الوحي ينزل على بهيمة.
-  لقد ترك الوحي هذه المرّة الرسول واختار البهيمة.
- لقد أُمر الله الرسول بالإنقياد خلف البهيمة. وقرارها هو حجة على الناس في تلك الحادثة.

ومما لا شك فيه أن القصد من وضع رواية كهذه هو الاستخفاف بمقام النبوة العظيم و صاحبها الأجل الأكمل محمد ص وهو كمالُ كمالِ النوع الإنساني، فحاشاه ذلك وهو صاحب مقام "العقل الاول" وصاحب مقام "قاب قوسين او أدنى ".

فما هو تحليلنا وتصويبنا لهذه الرواية؟

في آخر سنة من حياة عبدالله بن عبدالمطلب أبو رسول الله صلى الله عليهم أجمعين، أرسله أبوه عبدالمطلب إلى المدينة المنورة في موسم صرم التمر حيث أن بعض كتب السير تثبت أن:

- عبد المطلب كان يملك مزارع نخيل و مسكن في المدينة ورثها عن أمه من قبيلة بني النجار زعماء المدينة و أثرى أثريائهم.
- يعتبر أخوال عبدالمطلب من بني النجار أكبر ملاك النخيل فانحصرت تجارة تمورها بيد عبدالمطلب.
- تجارة عبدالمطلب كانت في قافلة قريش المكونة من ١٦٠٠ بعير، وهو يملك منها ٢٠٠ بعير تقريبا ومعظمها محمّل بالتمور.

وبعد وصول عبدالله إلى المدينة أصابته حمى من بعوض ينشط في بعض الأحيان بسبب تراكم مستنقعات المدينة التي تنصرف فيها مياه الآبار و بسبب تعفن تجمعات المياه بعد مواسم الأمطار فاشتد به المرض حتى يُئس منه بعد شهر ونصف مما استدعى منهم الطلب من أبيه عبدالمطلب المجيء إلى المدينة على عجل وبعد أسبوعين توفي سلام الله عليه، فدفنه أبوه في البيت الذي يملكه و اشترى الدور التي حوله ووهبها مع مزارعه التي في المدينة لآمنة بنت وهب زوج ابنه عبدالله وأم حفيده محمد كي يرثها محمد صلى الله عليه واله من بعدها.

وهذا ما حدث، فقد وفد صلى الله عليه إلى المدينة وسكن في ملك له وفي حلاله وكان من البيوت العظيمة الجميلة البناء حيث كان زعماء مكة و المدينة يجلبون البناءة المتخصصين  في عمل القناطر و الأسقف التي تحمل الدور العلوي من الشام.

بل إن ما قيل من أن أبو أيوب  الانصاري قد استضافه إلى حين بناء دار له غير صحيح على الإطلاق فهو كان أمينا على أملاك رسول الله إلى حين قدومه و ظل يخدمه سبعة اشهر.

و قد كان منزله ص يتكون من طابقين فسكن العلوي وظل السفلي للاستقبال وسكنت الفواطم الدور الأخرى عند وفودهن إلى المدينة. و كان المسجد في برحة ما بين الدور وهذا ما يفسر وجود بعض أبوابها تطل على المسجد.

فلا ناقة ولا هم يحزنون بل دعوة ورسالة رعاها وحفظها أهلها بأشفار العين، كابر عن كابر.

مع تحيات اخوكم
رياض الشيخ باقر
20/08/2014