السبت، 2 مايو 2015

أهل الكهف و الحكواتي

عندما لاح النورُ بانٓ وجههُ
كان مختفياً وراء الستارة
وراء الحُجُب
لم يقل هل أحدثكم فهو
أجمل حكواتي
لأن الجميع يعلمُ أحداث المسرحية
فهم الممثلون و هو خلف الأستار
عجيبةٌ هي هذه الحكاية

بدأت المسرحية من حيث ما انتهت
فأسلوبه محيرٌ و مشوقٌ
من حيثُ ما ابتدأت البداية
شارفت القصة على الانتهاء
ولكن بشكل دموي و مأساوي
هكذا هي الحكاية
فالحكواتي قديرٌ على سبِك حكايته ،

يُشرق النورُ و يغيبُ عن المسرح
يتنقلُ بينٓ أركانهِ
يسطعُ في وجهِ هذا الممثل
و تارةً في وجهِ ذاك ...
ترى الممثلين فَتُصيبَُكَ الدهشة
تَحسبُهم أحياءٌ وَ هُم بينَ نِيامٌ و رقود .
على الرغم من تقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال
لم يكن فيهم احدا يقظاً
غير كلبهم فقط ، نعم لم يكن منهم احد

الكل يسأل
من هو هذا الحكواتي
الذي كتب حكايته على اللوح
ما هي أقلامُه
ما هي نُونه
التي رقصنا بها على المسرح
لم يكن للمسرحية نص مكتوب
قال الممثلون :

نحن من كتبنا أحداث الرواية ،
كان فضاءُ المسرحِ جاهزًا لنا
وقد امتلء  بالمتفرجين
دخلنا فلبسنا قمصاننا ،
و اخذنا نعزف و نرقص و نكرر ما كتبنا ،
 ليس لكل منا دور محدد ...
 بل كنا كلنا نؤدي كل الأدوار
نعم كانت اشكالنا مختلفة ،
 و هيئتنا غير متشابهة ،
 ومع ذلك تشابهنا في الأدوار

الغريبُ في الأمر
أن كل من على المسرح ،
كان جالسا على المقاعد متفرجاً و شاهدًا!!!
هم هنا و هناك !!!!
و لم يكن غيرهم يشاهد المسرحية
كان الممثلون هم المتفرجون

و بدأنا نسألُ من جديد  !!
من هو هذا الذي خلف الخفاء. ؟؟؟

حينها قام كل من كان على المسرح
و على فتراتٍ
بخلع القميص ،
و كل من نزع القميص
اختفى  من على خشبة المسرح
اختفى ، لكن !!!
بقيت القمصان المهترئة !!!
 لقد رأيت قميصي و قد اهترأ أكثره ،
كانت القمصان المخلوعة كلها مهترأة

فتناقص الممثلون شيئاً فشيئاً ،
لم يبقى منهم الا رجلٌ و امرأة ،
الغريب أن شيئاً رهيباً قد حدث !!
الناس الجالسون على المقاعد !!
ظلوا يشاهدون المسرحية ،
ولم يكن هناك مسرحية
 لم يختفي منهم احد
 بالرغم من أنهم
 كانوا يلعبون أدوارهم على المسرح
وقد اختفوا حالما نزعوا قمصانهم
عجبا
لقد ظلوا  شهوداً على المسرحية

كنت جالساً على مقعدٍ مع المتفرجين، بصمت،
كان الصمت يتملكني
لأني همست لي،
 وأشرت لي،
 أن لا أقع في الأخطاء
وأنا أؤدي دوري
على المسرح أؤدي دوري أنا
يا للهول
أراه ولا يراني
أسمعه ولا يسمعني
إذاً  ما الفائدة، حتى لو صرخت

قلت في نفسي !!
لماذا اختفيت مع من اختفى !!؟؟؟
آهٍ
علمت عندما رأيت قميصي
فقد نزعته بعدما بلى
لماذا بقي هذا الرجل و هذه المرأة فقط !!؟؟
علمت فيما بعد
أن للرجل و للمرأة دور
في المسرحية التي بعدها
فالمسرحية يعاد عرضها مراتٍ عديدة
الى ما لا نهاية
لأنها بدأت من النهاية
يتغير الممثلون
وكل مرة يبقى رجل و امرأة
كي يجمعوا الممثلين ،
 فتبدأ المسرحية من جديد
و يرحلون

و بقيت مع كل الباقىن
على المقاعد شهوداً على مسرحية انتهت
لكنني ظننت ، أو خيل لي
أن فصولها لم تنتهي بعد
وهي قد انتهت منذ البداية
آهٍ !!! كنا نرى أمداً ، لم يُرَى
حاولنا أن نغادر مقاعدنا ،
 فلماذا نبقى شهودا ً،
 و نحن لسنا على المسرح

قيل :  لنا لن تغادروا ، و لن ترحلوا
قلنا: لماذا
قيل لنا : حكمة من هو يملك الأسرار
قلنا : و ما الحكمة في شهودنا
قيل لنا : تقرأون ما تكتبون على ما أديتم    
           فأنتم شهودٌ على الأداء
قلنا : على أدائنا ، لم نكن نعلم  !!!
قيل لنا : إذاً من كتب الرواية ؟؟؟

من وراء الحُجُبِ أتى الأمر
يا للصاعقة
و بَرَزَ السؤالُ من جديد
من هو هذا الذي خلف الأنوار !!!
خلف الأسرار!!!
لا نرغب أن نكتب أي شيء
فأداؤنا على المسرح كان سيئاً

كتبنا و لكن ليس بارادتنا
فقد كانت أصابعنا هي أقلامنا
و كانت الأوراق من جلدنا
قد تسألني
هل غششنا ؟
هل كذبنا فيما كتبنا ؟
اقول لك
كيف أنى  لنا ذلك
فقد جرى الدم من عروقنا حبراً أحمر
نفذ من أصابعنا ،
 فنفث بكل ما جرى على المسرح

أصابنا الهلع
قال : لا تثريبَ الْيَوْمَ  عليكم
فهدأت أرواحنا
آه ، ليتني !!!
أعرف من هو هذ الذي خلف العماء !!

كم كتبنا
و كم أخذ الوقت منا
المسرحية كانت طويلةٌ طويلة ....
أحداثها جسام و تفاصيلها مملة
ولكن
كم استغرق الوقت لإكمال صفحاتنا
نعم ، الوقت !!!!!
وما الوقت ، إلا الذي
استغرق كي يرتد إليك طرفك !!

هالنا ما نحن فيه !!
عندما اكتملت أوراقنا ظهر الممثلون
من جديد ، بعد أن اختفوا ،
 ظهروا !!!
فظهرنا ، لإننا لم نختفي ، فتقابلنا
هذه المرة كان يراني ...
كان يسمعني ...
لم اعتب عليه ...
لأنه ، أنا

قلت في نفسي ، لماذا هذه الأغلاط الكثيرة
لماذا تكررها
العجيب أنه سمع ما في نفسي
و تبسم
قال : لقد مَدٓ الظل و كثر الفيء
       فسدرة المنتهى وافرة الرحمة
قلت: من كتب السيناريو ؟
قال: هو و أنا و أنت ...
قلت: من دلك على أدائك الحسن ؟
قال: هو ...
قلت: كيف و هو لم يكتب لك ..
قال: دلني عليه حبه ..
قلت: من أوقعك في أغلاطك ؟
قال: أنا ..
قلت: لماذا و كيف ؟
قال: طمعتُ و ابتعدتُ عنه فهجرتهُ ..
قلت: طمعتَ في ماذا...
قال: هل من مزيد...
قلت: المزيد في ماذا...
قال: ألم تسمع نار حبه تنادي ...
قلت: تنادي بماذا ، و لمن ...
قال: تنادي هل من مزيد ...
قلت: نار حبه أم جنة عشقه ...
قال: نحن نساق زمراً...
قلت: و هؤلاء..
قال: يزفونَ إلى الجنة جماعات...
قلت: و أنت و أنا..
قال: في صَفحِه ،  في حُبِه ...
قلت: وأنت تكرر الأخطاء، يالك من
       متجبرٍ متغطرسٍ ...
قال: ما رجائي بك ، ما أنت من أطلب
       أنا أطلب منه لا منك ..
قلت: كيف و أنت هجرته..
قال: رجعت إليه فأنا أعشقه..
قلت: وإذا..
قال: هو يعشقني...

عندها
سَكَتُ
فقد تملكني حبه
و تَبَسَمتُ
لآني عرفت من هذا الذي خلف العماء
يومها
أزاح عني الحجب من هو خلفها
فنظرتُ
فإذا الرحمةُ ، فإذا الحب
فَضَمني
بسلامٍ ضَمني و ألحقني
في عِشقِهِ دَثَرَني ...


رياض الشيخ باقر