الثلاثاء، 2 يوليو 2013

اسطورة جلجامش

هي كأي اسطورة أخرى من اساطير الشرق. جل أحداثها وقائع تاريخية لها مسانيدها و قد كتبت بأسلوب روائي قصصي يحمل رموزا مقدسة تجسدت فيها ارواح المرأة والحيوانات والطبيعة، من شمس و نهر و نباتات، اختلطت فيها المفاهيم البشرية و حياتهم المعيشية اليومية بالسلطة و العقيدة. كل ذلك مسطور بالرمز، و هذا ما خلدها كأسطورة. فقد اختلط تاريخ الممالك والأمم بتاريخ العقائد. كل ذلك تم بسبب تراكم الكتابات بعضها على بعض على الأثر الواحد. و اختلط الحابل بالنابل حتى عاد تاريخنا كالحزورة المعقدة. وتفكيك مراحل التاريخ يراد له قراءة جديدة وجهد حر، متواصل لأن الاسطورة مندمجة به و ممزوجة معه. فعلاج هذا التاريخ، لا ينفك كونه علاج للأسطورة. وقد أسقط كثير من علماء الآثار الغربيين الأساطير المدونة في التوراة و كتب اليهود على جلّ النصوص المكتشفة في تاريخنا و تراثنا و آثارنا، فتم ترجمتها بما يتلائم مع ما كتبه اليهود عن تاريخ منطقتنا، وهذه هي الطامة الكبرى. حتى أصبح صوت كصوت العلامة جواد علي، وصوت الباحث القدير جورجي كنعان صرخة في واد ليس لها صدى يسمع.

و بالرغم من ذلك تظل ملحمة جلجامش من الملاحم و الأساطير الممتعة و المشوقة للغموض المحيط بها حيث اختلطت الآلهة مع بني البشر وهذا أجمل ما فيها.

رياض الشيخ باقر
02/07/2013

لو كان ارسطوطاليس موجودا لآمن بي

"لو كان ارسطوطاليس موجودا لأمن بي"
النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله و سلم

لم يرتقِ أرسطو لفكر أفلاطون، فلم يستوعب التلميذ كل ما جاء به استاذه. حيث كان أفلاطون أقرب إلى فكر الأنبياء (إن لم يعد نبيا من الأنبياء). ولم يستطع أرسطو الوصول إلى هذا القرب وهذا السمو في الفكر. ويعزى ذلك إلىعدم تمكن اللغة الاغريقية وقصورها في فهم المصطلح اللاهوتي (مخاطبة عالم الملكوت)، وفي الرؤية لما وراء الطبيعة (الميتافيزقيا)، الذي كان شديد الوضوح لدى أفلاطون. وقد حاول أفلاطون جاهدا تطوير المصطلحات اللغوية ووضعها لتلامذته لفهم وحدة الوجود "التوحيد" وتوصيل علمه (نبؤاته) إلى تلامذته ومنهم أرسطو الذي لمعت أفكار أستاذه في ذهنه وتوقدت. إلا أنه أصر على شهود العقل و حواسه في مقارباته الفكرية ، حتى مع عالم ما وراء الطبيعة.

الخلاف بين عملاقي الفكر يمكن حصره في طريقة الاستدلال، فقد نجح أفلاطون في التغلب على أدوات العقل الحسية متجاوزاً بذلك العقل الإدراكي والعقل المميز وأن يغوص أعمق من ذلك إلى ما يطلق عليه (فؤاد الفؤاد) في حين أخلد أرسطو إلى العقل وإدراكاته. و يذهب مناصري المفركين العظيمين من المفكرين العرب في العصر الحديث بترجمة ولائهم لأي من التنظيرات الفكرية لأي من أفلاطون وأرسطو عبر مناصرة مواطنيهم عملاقي الفكر، العلامة ابن العربي و العلامة ابن رشد، فقد أخذ من يميل إلى الفكر الأفلاطوني بمناصرة وجدانيات ابن العربي، بخلاف من ناصر إبن رشد فهو أرسطي الهوى.

نعم لقد اشتهر عن أرسطو الواقعية والعقلانية المستخلصة من التجربة. وحديثي كان عن عالم ما وراء الطبيعة (العالم الميتافيزيقي) أو ما يطلق عليه في الفلسفة الاسلامية بعالم الملكوت. فلا يخفى على أحد أن لأفلاطون الفضل بإعادة نشر عبادة التوحيد بدلا من عبادة الآلهة المتعددة ونبذ أصنامها التي تمثلها في عالم الدنيا. و قد استطاع فعل ذلك عبر تطوير المصطلح اللغوي الذي من خلاله قام بزرع الفكرة و تنويرها في ذهن من اتبعه من المؤمنين. وكان الخلاف بين أرسطو و بين افلاطون على الجوهر أو ما يطلق عليه الفلاسفة بـ ( الهيولي) وهل الله جوهر أو هيولي وما هي العلاقة بين الله و بين الجوهر و بين الهيولي، وإن شئت قلت بين الروح وبين المادة. فهل المادة مخلوقة من قبل الله؟ وقد قام جل وعلا بصنع الأشياء منها وهذا هو اعتقاد أفلاطون. أم أن وجود المادة منفردا عن وجوده سبحانه وتعالى والعلاقة بينهما ( الله و المادة ) تتمحور في قيامه عز وجل باستخدام المادة في صنع الأشياء.

وباختصار شديد، هل الله جل وعلا خالق وصانع؟ وهو مذهب أفلاطون والأنبياء قبله وبعده. أم أن الله صانع فقط؟ وهو ما ذهب إليه أرسطو.

لقد غلب الفكر العقلاني لأرسطو على أفكاره فيما يخص الميتافيزيقيا وأخذ مناصروه يدافعون عنه متناسين أن تجاربه الحسية واستدلالاته العقلية في استخلاص المنطق لا تنطبق على مقارباته فيما يخص عالم ما وراء الطبيعة. وأخذوا يرجمون أفلاطون وأفكاره بالمثالية، مستشهدين بعدم عقلانية مدينته الفاضلة الخالية من الواقعية. وسقط فكر أفلاطون مرة اخرى أسيراً لمنطق غير منطقي.