الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

العقاب الإلهي

أشارت السيدة العزيزة وجيهة الحويدر في خاطرة سابقة يعصرها الألم عن مفهوم  "العقاب الألهي" عند عامة الناس، ولحسرتها هذه ما يبررها.

فهذا الفهم هو من رواسب المنظومة السلفية التي تسلطت على الدين الاسلامي وفسرته مدّعية زورا وبهتانا أن منظورها للدين استقته من القرآن وسنة الرسول ص، وهو في أصله خوار وليس فكر. وذلك بسبب التعسف الذي مارسه المنهج السلفي (السني والشيعي) على القرآن حين سيجه بنصوص روائية ما أنزل الله بها من سلطان هي بعيدة كل البعد عن مقاصده، وأزاحته عن العقول واحتلت مكانه. وهذا يدعونا الى الإستدراك إلى حماية كتاب الله من النموذج المعرفي السلفي وسيطرة الفقهاء السلفيين الروائيين  والخروج من فهمهم القاصر لكتاب الله و احتكارهم له.

ونظرة السلفية لمفهوم العقاب الإلهي لا تخلو من كونه سيفا مسلطا من "القوي" على "الضعيف" وهذا المفهوم هو المسيطر على الديانات الوثنية القديمة التي جعلت لكل قوى الطبيعة تماثيل وأصنام وضعوها على الارض استجلابا لما في السماء واسترضاء لها، فعبدوها وعظموها، فكأنما العلاقة بين "الطين و الطيان" بين الخالق و المخلوق، هي علاقة صراع وحروب، الغالب فيها من يمتلك مواهب وقدرات إعجازية وأسطورية. وهذه الرؤية لهذه العلاقة المقدسة بقداسة الحب ظالمة لله. فهو الذي أحبنا فخلقنا كي نعرفه ونخلفه في كونه.

إن السلفية التي ابتكرت صراع متوهم غير متكافىء بين الله والإنسان، وجعلت من علاقة "الطين و الماء" مرتكزة عليه، عندها يسلط الله أقداره وملائكته المتمثلة بعوامل الطبيعة من ريح ومطر ونار وموت وغيرها، من "أدوات القهر" على العصاة  فيهزمهم و يبيدهم. فهي بذلك التفكير لا تعدو إلا سلفية مجرمة بحق الله وبحق البشر في نفس الوقت. فهاهم السلفيون قد ملؤوا الدنيا نعيقا بأن تسونامي ما هو إلا عقاباً جماعياً للبشرية، شبيه بالعقاب الذي حدث لقوم نوح. زاعمين أن كل ذلك السخط الإلهي يحدث نتيجة عدم انصياع البشر للشريعة وأحكامها التي بشر بها الانبياء. فمن الطبيعي أن يحل عليهم عقاب رباني خارق لنواميس الطبيعة، زاعمين أنه انتقام من الله لن ينجح الإنسان في النجاة والهروب منه. متناسين العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة التي تثور إن جار الإنسان عليها و فرط في سخائها له.

فترسخ مفهوم المنتقم وشديد العقاب على صورة الإله بدلا من الرحمن والرحيم والغفور والودود والمنان والحنان. فأصبح الناس في ذعر وخوف من الله بدلا من الرجاء والأمل والحب. كل ذلك نتيجة الفكر السلفي الذي جعل من عوامل الطبيعة قوى مسلطة لمصلحة الله ومسخرة في انتصاره وانتقامه ضد من عصاه. هذا إضافة إلى ما ينتظر العصاة من عذاب القبر ثم عذاب جهنم الذي يصل إلى حد الخلود فيه.

فالإنسان -وفق السلفية- في رهبة دائمة وخوف ناتج عن اختلال توازن القوى لمصلحة "عدوه" الله. لأنه في حالة ضعف ولذا عليه الانصياع لأوامر الله وشرعه. ولا أدري كيف ساغ لهم أن يجعلوا من أنفسهم حاكمين على سنن الله وعلى خليفته. فأين هم من قوله تعالى "ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم" (النحل/١١٩). وقوله "إن الله كان تواباً رحيما". وقوله "إن الله غفور رحيم". وقوله "إنه لا يحب الظالمين" ( الشورى/ ٤٠). وقوله "من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد" ( فصلت/ ٤٦). وقوله "إن الله لا يظلم مثقال ذرة، وإن ثمّ حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما" ( النساء/ ٤٠).

إن حكمة وجود الإنسان على وجه هذا الكون كخليفة لله وفهم تاريخ العلاقة بين الخليفة والمستخلف وجدلية العلاقة بين الغيب والحس التي من أجلها سخر الله للإنسان جميع قوى الطبيعة لخدمته وإعانته في خلافته مغيبة عن الفكر السلفي. بل إن ما رسخه هذا الفكر طوال مئات السنين عبر القراءات الروائية الموروثة -التي لا تمس قدسيتها- هو مفهوم البلاء والانتقام. ولم يقرأوا ذلك ضمن السنن الكونية الحاكمة للكون والمنظمة له، وفسروا آيات القرآن الحكيم على ضوء الروايات التوراتية ولم يستضيئوا بنوره الرحيم والودود و الغفور. فمن أجل هذا الانسان دحا الله هذا الكون وبسطه بكل أسباب الحياة والرزق والسعادة، إذ هو ظله في أرضه.

مع تحياتي،
أخوكم
رياض الشيخ باقر

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

اليهود في جزيرة العرب

قرأت للتو بحثاً منشوراً عن يهود صحار شرق اليمن (التابع لمملكة بني كندة في العصور الغابرة ما قبل الاسلام) أثار عندي الرغبة في كتابة ما استخلصته و باختصار من  قراءات عدة فيما يخص اليهود والبلاد التي استوطنوها وعلاقتهم بأبناء عمومتهم العرب من ولد اسماعيل في البلاد العربية، وذلك من خلال مراجعة نصيّة لفهم لغز رحلة عبورهم مع نبي الله موسى عليه السلام.

كما أود أن أخص بذلك قراءة النصوص الدينية التي جاءت مسطرة لهذا الحدث فيما روته التوراة وسطرته آيات القرآن الحكيم، وبعض المراجع والبحوث المفيدة والمختصة في إعادة قراءة النص الديني و تفكيكه.

وتوضيحاً لقصد معنى تفكيك النص الديني، سأضرب مثلا بسيطا على ذلك توضيحا للقصد المبتغى. فقد قال الله جل وعلا مخاطبا مريم عليها السلام عندما جاءها المخاض في ولادتها للمسيح عليه السلام  "هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا". فبصريح الآية الكريمة إن الولادة  قد تمت في بلاد يكثر فيها زراعة النخيل وأن وقت الولادة هو فصل الصيف بعد أن أثمرت النخلة وتكوّن فيها الرطب وليس في فصل الشتاء ديسمبر (كانون الأول) كما هو يحتفل به الآن،  فما يرويه القرآن أصدق وأبلغ وهو الحجة وعليه المعتمد.

من هنا ننطلق في قراءة النص القرآني وتفكيكه بما يفيدنا في فهم مرحلة مصيرية وتكوينية لتاريخ اليهود عبر الغور في دلالة اللفظ القرآني زمانيا ومكانيا. كما أن من المفيد الإشارة هنا والإشادة بجهود المفكر الفرنسي بول ريكور (توفي عام ٢٠٠٦م) في إعادة قراءة النص الديني وأصول التأويل ومناهجه حيث قام بوضع بعض الأطر والأفكار فيما يتعلق بما هو تاريخي وما هو أسطوري وما هو خرافي والتمييز بينهم عبر تفكيك النص وإرجاعه إلى جذوره.

وعندما نتكلم عن التاريخ في النص الديني فإننا نخص النص القرآني كونه أكثر صدقا وحفظا من التوراة ولم تمسّه أيدي المحرفين والعابثين، وبالتالي نستطيع الحصول على حقائق تاريخية ليست أسطورية أو خرافية، كما يقول المؤرخ العظيم جواد علي في مفصله "تاريخ العرب قبل الاسلام"، حيث أن التوراة قد مستها أيادي التحريف وتلاعبت بها كيفما شاءت في قصص التراث الشعبي اليهودي "الأبوكرافية" التي أعيد فيها كتابة تراث اليهود بواسطة مروياتها مما هو خرافي وأسطوري شكّل تاريخ اليهود فيما بعد. و ذلك بما يتناسب مع مصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية آنذاك. وقد تم ذلك في خلال المراحل التالي :
  1. كُتبت التوراة بعد رجوع اليهود من السبي البابلي بعد القرن الخامس قبل الميلاد.
  2. انتشار اليهود في بلاد العرب ( بلاد آل اسماعيل ) واستيطانهم فيها على يد حكام فارس "الأخمينيين".
  3. يوجد فارق كبير بين ما ترويه التوراة و ما يرويه القرآن وإن بدا في ظاهره واحدا.
  4. أكثر الأحداث التي ترويها التوراة، يعود تاريخها إلى ما بعد وفاة موسى وإلى ولادة المسيح عليهم السلام مما يؤكد عدم اطلاع موسى عليها فهي ليست الأصلية المنزلة عليه.
  5. لقد تم عبور نبي الله موسى عليه السلام بشعب اسرائيل من خلال  البحر وإن صدقنا ما جاءت به التوراة أن شعب إسرائيل استوطن شمال مصر (بلاد الدلتا)  وارتحل بشعب اسرائيل إلى البلاد المقدسة (فلسطين) أرض كنعان، فجغرافيا ذلك الزمان تكذبه حيث ان المسافة بين البلدين برية ولا يقطعها بحر، ولم تقطع بحريا الا بعد انشاء قناة السويس.
  6. مما لا شك فيه أن عبور بني إسرائيل تم بحريا (اضرب بعصاك البحر) وفي نقطة التقاء بحرين (حتى بلغ مجمع البحرين) وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في عدة مواقع. وإن ادعاء البعض أن العبور تم في نقطة التقاء خليج العقبة وخليج السويس ما هو الا عجز و تجديف وتبرير لعدم معرفة الحقيقة. فكلا الخليجين جزء لا يتجزأ من بحر العرب (الاسم القديم والتاريخي للبحر الأحمر).
  7. إن الجذر اللغوي للغة العبرانية هو اللغة الآرامية ودخل عليها جذران آخران هما الجذر الحبشي والجذر الحميري فتشكلت اللغة العبرانية من ثلاث لغات، اللغة الآرامية (أصل اللغة العربية) واللغة الحبشية (القرن الأفريقي) و لغة الحميريين اليمنيين (العرب الجنوبيون).
  8. غضب بني اسرائيل على موسى عليه السلام عندما تزوج امرأة حبشية حيث استوطن بني اسرائيل القرن الأفريقي سنين التيه.
  9. إن هذا يفسر وجود قبائل الفلاشا اليهودية في كينيا، فهم بقايا المتخلفين من بني اسرائيل (أحفاد أحد الأسباط) عن رحلة العبور.
ونستخلص مما سبق أن موسى عليه السلام في رحلة خروجه من مصر ذهب ببني إسرائيل جنوباً إلى بلاد الحبشة وليس شرقاً. ثم عبروا شرقاً، وهذا تفسير كلمة مجمع البحرين من خلال عبورهم مضيق باب المندب نقطة التقاء البحرين، بحر العرب التاريخي (البحر الأحمر) وبحر السند (بحر العرب المعاصر والمحيط الهندي) ، كما يفسر الخليط اللغوي الذي تتكون منه اللغة العبرانية حيث تشبعت اللغة الآرامية (الجذر الأساس) ببعض الكلمات الحبشية ثم تشبعت ببعض الكلمات الحميرية وبالخصوص لهجة قبائل اللخميين (مثل بيت لخم) فتكون من هذا المجموع اللغة العبرانية الحالية، وهذا دليل قطعي آخر لا لبس فيه لمسار العبور لبني اسرائيل
وبالتالي تكون الممالك التي تعاقبت على بني اسرائيل منذ ترحالهم مع نبي الله موسى عليه السلام حوالي عام ١٥٠٠ قبل الميلاد إلى عام ٦٠٠ قبل الميلاد (تسعمائة سنة) كانت جميعها في جنوب غرب جزيرة العرب بما فيها مملكة نبي الله داوود وسليمان عليهما السلام.

و حيث أن السبي البابلي لليهود بعد إجلائهم من بقايا ممالكهم عقابا لهم لكثرة قتلهم أنبيائهم استمر قرابة المائة عام من بعد انهيار ممالك بني اسرائيل إلى وقت توافقت مصالح الامبراطورية الفارسية (الأخمينيين) التي احتلت الدولة البابلية آنذاك، تطلب نشر سبايا اليهود بعد عتقهم من السبي البابلي في أرض آل اسماعيل (مملكة النبط) التي امتدت من غرب الفرات إلى البحر الأبيض شرقا وإلى مكة جنوبا ، وقد تمركز قلة من اليهود في تلال فلسطين (يهودا والسامرة) وفي خيبر ويثرب (المدينة المنورة) بالإضافة إلى ما تبقى منهم في اليمن وبالخصوص في صنعاء. وقد اشتبه المؤرخون عندما ظنوا أن أماكان رجوع اليهود واستيطانهم فيها بعد السبي هي موطنهم الأصلي قبله. ومن هنا وقع الالتباس في تحديد زمن استيطانهم أراضي اهل كنعان (فلسطين) التي استوطنها قلة من اليهود في أطراف براريها بعد السبي، ولم تطأها أقدامهم قبله.

و يأتي هذا الاشتباه من الخلط بين رحلة موسى عليه السلام إلى أرض مدين ومروره بأرض سيناء قبل البعثة وخلال تلقيه الوحي في "الوادي المقدس طوى" التي سبقت العبور زمانا. فتم الخلط بين الأمكنة والأزمنة، وساعد في ذلك أساطير التوراة ومزاعم اليهود في أرض فلسطين.

لذلك فإن ادعاء بني إسرائيل في فلسطين كأرض مقدسة وعدهم الله بها هو محض افتراء وكذبة كبرى. لذلك لم يجدوا هيكل سليمان المزعوم و لن يجدوه تحت قبة الصخرة.

مع تحياتي
رياض الشيخ باقر
١٢/١٢/٢٠١٤

الأحد، 2 نوفمبر 2014

الشيخ إسماعيل المشاجرة: الذكاء العاطفي -مأتم النمر، الليلة الثامنة من المحرم، موسم 1436هـ


بعد أن عرج الشيخ إسماعيل المشاجرة إلى مصاب كربلاء وذكر بطل من أبطالها الشباب علي الأكبر بن الإمام الحسين سلام الله عليهما، استهل محاضرته بحديث للإمام زين العابدين سلام الله عليه "ما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة حلم عند الغضب".
ومن الجدليات التي تثار عند الكتاب و المفكرين هي جدلية: ماذا ينتظر الناس من الدين؟

==مقدمة واستفتاح==
وتسائل الشيخ، بما أن الناس تنتظر من الدين أن يضع بين أيديهم مجموعة من القوانين التي تمضي بهم نحو السعادة، وتقدم لهم أطروحة وفلسفة عامة للحياة ونظرة شمولية لها لتتعمق رابطتهم مع الله وعلاقتهم به بما عرفوه من  أنبيائه وأوليائه، فما هي طبيعة هذه العلوم والمعارف التي يأخذ الشارع المقدس على نفسه أن يقدمها؟

وهل وظيفة الدين هي الإتيان بالمعارف الطبيعية الدنوية؟ كمعرفة علوم الفلك والفيزياء والكيمياء، من أجل تكامل البشرية وطموحها لهذه المعارف؟ وقد خلص الشيخ إلى أن الدين ليس مسؤولاً عن الإتيان بمثل هذه المعارف، رغم أنه أشار إليها بإشارات عميقة متفرقة في النص القرآني. إلا أنه لا يقدّم بديلاً عن جهد الإنسان للوصول إليها.

لا شك أن الدين قدم نوع آخر من العلوم والمعارف على النوع السابق. فهو لم يهمل العلوم الاجتماعية والاقتصادية، لما لها من مساس مباشر في بناء القادة. وهو كذلك يقدم الرؤى والمعارف العقائدية، الدالة على توحيد الله وتوحيد ربوبيته ويؤكد على عقيدة العدل والمعاد. ويقدم للإنسان النظام الذي من خلاله يتواصل مع الله. وهذه العلوم، لا شك أنها تُممت بالمعارف السلوكية والتربوية والأخلاقية التي تصدى لها الدين الاسلامي لأهميتها و خطورتها على تابعيه.

وأشار الشيخ إلى أن النبي والأئمة سلام الله عليهم أجمعين لم يبخلوا على الناس في حال مبادرتهم بالسؤال، بأن يعلمونهم ويدلونهم على مفاتيح العلوم من خلال الأسرار التي أطلعهم الله عليها.

وبالعودة إلى حديث الإمام زين العابدين عليه السلام، فإن مناسبة الاستشهاد بهذا الحديث هو ما لأهمية العملية التربوية التي أولاها الدين اهتماماً خاصاً. ومن باب المعارف التربوية تناول الشيخ بحث مهم جداً هو الذكاء العاطفي. وذكر أن هذا البحث يتمحور حول ثلاثة محاور هي:
- تعريف الذكاء العاطفي ونشأته
- مقوماته وتطبيقاته
-تطوراته

==المحور الأول==
===معناه===
يعرف بتعريفات متعدد أهمها الذكاء باستعمال العاطفة. وتعريف آخر هو فرز العواطف و توظيفها توظيفا صحيحا للوصول الى أهداف معينة.

===نشأته===
نشأ في تسعينيات القرن الماضي وهو الرأي الغالب. ومنهم من قال أنه نشأ مع تنظيرات دارون النفسية وغيرهم من علماء النفس والاجتماع في بداية القرن العشرين. وهناك من أرجعه إلى جذور موغلة في القدم من عصر أرسطو حيث أشار إلى خصائص الذكاء العاطفي في فلسفته وخطبه، ومن أبرزها قوله "يقول من السهل على الانسان ان يغضب لكن من الصعب ان يتحكم في غضبه" وهو رأي غير مشهور. والأولى الأخذ بمقولة الامام علي: "الغضب أوله جنون و اخره ندم".

==المحور الثاني==
===مقوماته ومستوياته===
١-أن يصبح الإنسان مدرك لعواطفه ويشعر بها ويلتقطها و يتفاعل معها ويكون واعياً لوقوعه فيها، مقتدراً على الإمساك بجماحها.

٢- أن يمسك بانفعالاته وأن تكون عنده القدرة على التحكم بها وتوجيها و تسييرها لما فيه الصالح العام (نحو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). قال صلى الله عليه وآله: "أعظم الملوك من ملك غضبه"

٣- النجاح في توظيف هذه العاطفة و توجيهها الاتجاه المناسب و توظيفها التوظيف المناسب بما يعود بالفائدة عليه وعلى غيره.

٤- أن يصبح عند الانسان القدرة على الإحساس  بمشاعر الآخرين ويتحسس مشاعرهم.

٥- توظيف عواطف الآخرين في خدمة قضايا أكبر من الفرد. كخدمة المجتمع والمشاريع الخاصة والعامة.

===مثال نموذجي من التراث===
يذكر أنه في عهد هارون العباسي طلبت زوجته زبيدة أن يكون لها إدارة القصر. فدخل عليهم صياد يحمل سمكة كبيرة أعجب بها هارون. فسأله لمن هي. فاغتنم الصياد الذكي هذه الفرصة بعد أن قرأ على وجه هارون علامات طلب السمكة وقال: هي للأمير. فاستحسن هارون منه ذلك وأمر له بـ ٤٠٠٠ درهم.
فغضبت زبيدة لهذا الفعل بعد أن أقر لها هارون التصرف بشؤون القصر وحاجّته على ذلك، فأبى هارون، ذلك أنّ ردّ الهبة ليست من شيم الملوك. فأشارت له بحيلة يحتالها على الصياد، يرد بها النقود. فأوحت له أن: إسأل الصياد ما هو جنس السمكة؟ فإن قال ذكر فقل له: أنا لا أحب غير إناث السمك؟ وإن قال العكس فقل العكس. فأمر بالصياد وقال له ذلك. إلا أن الصياد بذكاءه العاطفي وقدرته على تنبؤ غاية هارون رد عليه بأن السمكة لا هذا ولا ذاك، هي خنثى. فاستحسن هارون رده وأمر له بـ 4000 أخرى.
فاستشاطت زبيدة غضباً ولاحظت أن الصياد أسقط من يده درهماً فما أبى أن ينحني له ويلتقطه. فرأت زبيدة في ذلك فرصةً لتعيير الصياد بالجشع وردّ الهبتين.
فما كان من الصياد إلا أن ردّ بأن هذا الدرهم يحمل نقش اسم الخليفة فانحنى ليلتقط الدرهم حفظاً لمقام اسم الخليفة أن يداس تحت الأحذية. فسرت أسارير هارون وأعجب بفطنة الصياد وأمر له بـ4000 أخرى.

===أهم تطبيقاته===
أشار الشيخ إلى أن تطبيقات الذكاء العاطفي كثيرة وهي خصلة من خصال القادة العظام. إلا أن أهم تطبيقاته هي ما يلي:
١- بناء الحياة الزوجية: استثمار الذكاء العاطفي في بناء العلاقة الزوجية الصلبة. وتكمن أهمية هذا التطبيق في ارتفاع نسب الطلاق في البلاد حتى قاربت 40٪ من حالات الزواج. ونصف حالات الطلاق أسبابه تعود للغباء العاطفي. ويجب أن تستغل فترة بداية الحياة الزوجية التي تتميز بالتهاب العواطف بين الطرفين، للاتفاق وأخذ الوعود المتبادلة للتعاون على مستقبل الأيام وما تحمله من تحديات لحفظ الزواج، لا سيما بعد برود العاطفة. والعاطفة بجميع أنواعها من طبعها أنها فوارة ثم تخفت.

2- حل الخلافات الزوجية والأخوية: تبادل اللوم بين المتحابين في حال الاختلاف لا يعتبر من الذكاء العاطفي. والأجدر للشخص أن يعذر الطرف الآخر ويلقي باللائمة على نفسه مبادرةً  وتواضعاً. ونتيجة ذلك تلقائياً هي أن يعذره الطرف الآخر ويرجع بالسبب لنفسه أيضاً. فتحل المشكلة من حيث بدأت ويعود المتحابين لألفتهم. والوظيفة المهمة هنا هي تحويل عاطفة الحب إلى مبادئ أخلاقية عبر تحويل الحب الى مودة ورحمة.

٣- ظاهرة النقد المفرط: وهنا أشار الشيخ إلى مرض عند بعض الأشخاص الذين لا يتحملون رؤية عمل العاملين إلا بأن يكيلوا عليهم مكاييل النقد اللاذع. ومن مقتضيات هذا المرض أن هؤلاء الأشخاص لا يرون إلا العيب. والحق أنهم مصابون بمرض التفرد، بتركيزهم على سلبيات الغير وكأنهم وحدهم الذين يخلون من العيوب.
وهذه ليست دعوة إلى إلغاء النقد بين الناس مع ما فيه من فوائد. إلا أن الذكاء العاطفي يقتضي أن يمرر المرء نقده بحساسية وذكاء، بما يسمى بتمرير النقد بين ثنائين. وفيه يتم ذكر مجموعتين من الإيجابيات و الثناءات والحسنات ثم يأتي على ذكر النقد المبطن بين طرفي الثناء. وبذلك يجد المنتقد نفسه يقبل بالنقد عن طيب نفس لما تقدّمه وتبعه من ثناء.

==المحور الثالث==
===تطوير الذكاء العاطفي===
يقول الشيخ أن بإمكاننا  تطوير الذكاء العاطفي من خلال إسقاطها على القضايا التاريخية ومن أبرزها دراسة تاريخ فرقة الإمامية الشيعية وسيرة عظمائها. فمن خلال سير الأئمة تبرز تعاليمهم وخصائصهم في حفظ وجود هذه الفرقة و كيانها و تحقيق أهدافها الكبرى. ومن أهم التعاليم التي تصنف بالذكاء العاطفي هي:
١- التقية التي أكد عليه أئمة أهل البيت للتحكم في عواطفهم، وخصوصاً إذا كان الغير لا يبدي الاستعداد لكبح عاطفة الكره نحوهم بمصادرة وجودهم. فالتقية من أبرز عوامل السلم الاجتماعي في المجتمع المتشدد الرافض للمتقي.
٢- بيان ظلامة أهل البيت هو توظيف عاطفي. وهذا التوظيف يجب أن يكون متوازن حسب ما وجهنا إليه الأئمة. فالإمام الصادق كما كان يؤكد على مظلومية الامام الحسين فهو أكد على مبادئه، سلام الله عليهما.

والسؤال الجوهري هو هل يستخدم شيعة اليوم الذكاء العاطفي المتوازن في طرحهم، كما كان الإمام الحسين يوم العاشر من المحرم مع أصحابه وأعدائه؟

لحضور المحاضرة كاملةً على اليوتيوب:
 http://youtu.be/IN5J92kx3CU?t=9m9s


مع تحيات معدَّيه،

تلخيص وإعداد: رياض الشيخ باقر،
كتابة وتحرير: المختار الشيخ موسى،

السبت، 1 نوفمبر 2014

خطبة الشيخ الدكتور اسماعيل المشاجرة لليلة الثامنة في مأتم النمر لمحرم عام ١٤٣٦هجرية

بعد مقدمة نعى فيها الشيخ القاسم بن الحسن عليهما السلام، استهل سماحته محاضرته بالآية الكريمة "أولم يرى الذين كفروا ان السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما، و جعلنا من الماء كل شيء حي، أفلا يؤمنون".

وقد أمتعنا الشيخ المشاجرة الليلة بالتفكر في عظمة خلق الله والتحير في الروائع الدالة عليه.
وهي محاضرة علمية بامتياز قام الشيخ بتفصل اركانها و بسط محتوياته ، حيث سرد  وبتسلسل سلس و دقيق وباختصار غير مخل،  بعض نظريات خلق الكون، وكيف أن بعض علماء الفيزياء الذين أرادوا اكتشاف هذه العلوم استغلوا علمهم المادي الطبيعي هذا كباب لإثارة المغالطات الفلسفية والعقلية والعقدية بإنكار (العلة الاولى) وأثر الخالق في خلقه، وما لهذه النظريات في انتشار "ظاهرة الألحاد".

وقد استعرض بعد الآية الكريمة الإحصاءات التي تشير إلى ظاهرة الإلحاد التي وصلت في المملكة إلى ٦٪ و إحصاءات أخرى تقول ١٠٪، و أرجع  ذلك إلى أطروحة نشطة رُوج للإلحاد من خلالها، قد طُرحت في  كتاب ألفه العالم الفيزيائي الكبير ستيفن هوكنغ، و تدور فكرته حول الخلق و التكوين و يحمل اسم "التصميم العظيم - The Grand Design"، والذي حاول كاتبه إثبات أن العالم ليس بحاجة إلى خالق. وتدور فصول الكتاب جميعاً حول نمطين من الحديث أحدهما فلسفي والآخر فيزيائي.

وقد حاول الكاتب إلغاء مباحث الفلسفة للتدليل على أكتشاف الكون ومعرفة تكوينه التي لا يجيب عليها إلا علم الفيزياء ونظرياته واستنج أن الكون والموجودات عامة  ليست بحاجة إلى خالق وأن الكون مخلوق من العدم بالصدفة وقد فصل الكاتب نظريته في مراحل عبر فصول  الكتاب على النحو التالي :

١- ظاهرة توسع الكون التي جاء بها العالم أدون هابل، وظاهرة الانزياح الأحمر، التي ساعدت على استنتاج أن الكواكب في حالة تباعد وأن الكون في حالة اتساع مستمر.
٢- ربط العلماء بين اكتشاف هابل ونظرية الانفجار العظيم - Big Bang.
٣- لاحظ العلماء أن الانفجار العظيم نشأ عن نقطة صغيرة (تسمى النقطة الأحادية-singularity point) نشأ عنها انفجار مهول رافقه وتلاه تضخم لمادة الكون الناشئة من هذه النقطة. وقد حصل ذلك بسرعة تفوق لمح البصر.
٤- إن نشأة الكون من نقطة متناهية الصغر يقتضي معرفة ودراسة الجسيمات الصغيرة. ومن هذه الدراسة ظهرت تجربة تعنى بدراسة حركة الجزيئات الصغيرة، وهي تجربة الشق المزدوج (مستخدمين فيها ذرات الكربون المشعة) . ونتيجة لهذه التجربة، استنتج العلماء أن الجسيمات الصغيرة تتبدل، والنتيجة الثانية  أن الجسيم الصغير الواحد يتواجد في أكثر من مكان واحد (مليارات الأماكن في آن واحد).
5-  أنه يستحيل دراسة الجسيم الصغير الواحد، وهذا القول يعود الى أنشتاين،  حيث لا يوجد شخص قادر على حصر تحركات الجسيم.
6-  من خلال ما سبق من استنتاجات لتلك النظريات، توصل هوكنغ إلى مبدأ عدم اليقين، الذي نادى به العالم هايزنبرج. واستحالة إمكان وضع قانون يصف حركة الجسيمات.

7- من خلال إسقاط سلوك الجسيمات الصغيرة التي لوحظت في تجربة الشق المزدوج، فقد خرج العلمات بنظرية في غاية الخطورة، وهي أن خلق أكوان لا نهائية ناشئة عن النقطة الأحادية، على غرار الجسيم الذي يبدأ من نقطة وينتهي إلى عدد لا حصر له من الأماكن. وقد عرفت هذه بنظرية الأكوان البديلة.
٧- ستيفن هوكنجغ يقول بنظرية الانفجار العظيم ونشوء مليارات الأكوان لكنه يقول بفسدانها لعدم توفر الظروف الفيزيائية المؤاتية. ولم يبق من تلك الأكوان إلا كوننا فقط، الذي هيأت له الصدفة الظروف المطلوبة.

واستخلص من تلك النظريات السابقة ثلاث نتائج :
١- نظرية الأكوان المتعددة وسائر النظريات الأخرى نستطيع أن نجمعها ونعبر عنها باسم نظرية (إم). وباستخدام نطرية إم فإننا لسنا بحاجة إلى خالق لتفسير خلق الكون. لأن نظرية إم هي التي تقوم بعملها.
٢- الكون هو ليس جسيم بل فراغ أي تكون من العدم.
٣- نشوء وبقاء كوننا اعتمد على الصدفة.

مناقشة النظرية :
١- القانون العلمي، هل هو الذي يوجد الظاهرة أم لا يتعدى حاله في وصف الظاهرة؟ والجواب هو أن القانون يصف الظاهرة فقط ولم يوجدها. والدليل أن جهلنا بهذا القانون لا يبطل أثره.فالأرض تدور حول الشمس بقوانين دقيقة، وجهلنا بهذا القانون لا يبطلها.
٢- نظرية العدم لا يقبله العقل ففاقد الشيء لا يعطية، فالعدم فاقد الوجود فليس بإمكانه إيجاد الوجود. فهل العدم ينشئ العدم، و هل  العدم هو الفراغ الذي ينشئ عنه ( طاقة الفراغ ) الذي ينشئ رغوة الزمكان (أو ما يعبر عنه أيضاً بالمتَّصَل الزمكاني).
٣- الكون بقي نتيجة الصدفة، فالصدفة إما معقولة أو غير معقوله ، والإيمان بالصدفة هو انهيار تام لكل القوانين والأنظمة. والغريب أن هوكنجغ يتكلم عن دقة الكون (ويضرب بذلك مثال المسار الاهليجي) ويصف دقته وهذه الدقة هي التي حفظت الأجرام الفلكية ومجموعاتها ولكنه يرجع بالرغم من الوصف الدقيق لكل العناصر الموجودة في الكون للصدفة. وضرب الشيخ مثلا على بطلان الصدفة التي ارتكز عليها هوكنجغ ، بمثال ضربه أحد العلماء ، عندما قال "هل الصدفة سوف تجعل من رجل على بعد (١٤ ) اربعة عشر مليار سنة ضوئية من على الضفة الاخرى للكون، إذا رمى سهما على هدف، هل يصيبه؟" ولا يوجد من يقبل هذا.

واستخلص الشيخ بأنه لا بد من قدرة إلهية تتحكم في حركة الجزيئيات التي تكون منها هذا الكون. إن هذه النظريات على عكس ما أراد منها اصحابها فهي تؤيد وجود القدرة والأيدي الإلهية التي توجد وتنظم وتوجه وتجعل في الأشياء خواصها، وهي قدرة واحدة عظيمة ، جاء الرسل يؤكدون على وجودها وبأنها أصل لوجود الكون وكل الموجودات، ويتمثل ذلك في مبدأ التوحيد الذي بذلوا فيه مهجهم و مهج احبابهم.

شكراً للشيخ  على طرحه للموضوع بشكل يستطيع الجميع فهمه واستيعابه. بالرغم من القول بأن الموضوع نخبوي  بأمتياز، وهو ليس لمن  لا اطلاع لديه على تلك العلوم أو ليس عنده متابعة بما يدور في الساحة، فهو  لن يراه ذا أهمية ولكنه مهم جداً للنظر لما يدور في ساحتنا، و لمواجهة التحديات المطروحة فيها.

لم يسعف الوقت محاضرنا في عرض هذه النظريات على القرآن الكريم و ما روي من سنة النبي وأهل بيته
كما أنه لم يعرضها على أقوال الفلاسفة وعلماء العرفان الاسلامي.

لحضور المحاضرة كاملةً على اليوتيوب:
http://www.youtube.com/watch?v=nUA7bOqR35g


إعداد وتلخيص: رياض الشيخ باقر
ضبط وتحرير: المختار الشيخ موسى

إلى جناب المشايخ و خطباء المنبر الحسيني حفظهم الله

الى جناب المشايخ و خطباء المنبر الحسيني حفظهم الله

السلام عليكم ، تحية عطرة،

نحن ممتنون لجهودكم و شكر الله سعيكم،

و نود ان نوضح لجنابكم جزء مما نطمح اليه من خلال متابعة الكثير منا لمحاضراتكم.

إننا نهدف إلى إيجاد حراك ثقافي مساند ومتابع للنهضة الحسينية التي تعرّفونها الناس كلما حلّت ذكرى عاشوراء الأليمة، و ذلك عبر تفعيل ما يلقى من على المنبر الحسيني وتوجيهه إلى الاتجاه الصحيح الذي بذل فيه الحسين سلام الله عليه مهجته ومهجة آل بيت الرسول .

وهذه المساندة تهدف الى تحقيق أغراض عدة منها:

١- يجب على الخطيب التوجه إلى أهداف ثورة أبي عبدالله سلام الله عليه.
٢- الترفع عن الشكليات و الابتعاد عما أحاط هذه الثورة المجيدة من خزعبلات وخرافات حرفت بمسيرتها ورسالتها .
٣- المتابعة الدقيقة لمن يعتلي هذا المنبر الشريف كي يكون اهلًا لصعوده .
٤- نشر الرسالة الصحيحة الصادرة من هذا المنبر الشريف عبر التواصل الاجتماعي كي تعم الفائدة.
٥- توجيه رسالة غير مباشرة لكل من لم يوفق من الخطباء بتبليغه ثورة الامام على ما أراد به سلام الله عليه.
٦- توجيه رسالة واعية و توضيحية لأصحاب اتجاه الثقافة الحداثية بأن المنبر الحسيني لم يفقد جمهور المثقفين، فالحضور كبير ودائم وفعال.
٧- إن المثقف مشارك في نشر أهداف الحسين الذي يلقيها الخطيب الداعية والرسالي، وهو همّ يحمله المثقف ومسؤولية عليه لتكملة الدور وسد الفجوات والنواقص إن وجدت.
٨- رسالة كلنا حسينيون هي أقل ما يمكن أن يفعله المثقفون وما يمكن لهم أن يحملونه لمجتمعهم  ودينهم.
٩-  بذل الجهد و تسخير الثقافة لرسالة الحسين ولدين محمد وليس فقط مواساتهم صلى الله عليهم أجمعين.
١٠- نشر العلوم العقلية والثقافة من على المنبر الحسيني وجعلها جزءً رئيسياً  مهماً في رسالة المنبر الحسيني.
١١- التواصل مع أصحاب التخصصات العلميه قبل الخوض فيها كي لا يسبب للخطيب الوقوع في الحرج والخطأ، وعدم الاكتفاء بما يكتب في الشبكة العنكبوتية ( قوقل ).
١٢- استشراء ثقافة الإلحاد وعبودية العقل وصنمية الذات والهوى في مجتمعنا، مما يستوجب إطلاق صرخة عقلائية معبرة، و ليست حادة تجاهها.
١٣- الدعوة للتخفيف من حدّية الطرح وادعاء الحقيقة المطلقة ثم فرضها على الناس بالتهديد بعصا العذاب او التكفير. وهذا هو لعمري عين الأصولية والتطرف .
١٤- الاستفادة من الأطروحات و الرسالات التي تخرج من أيدي الأكاديميين بما يخدم المنبر الحسيني.
١٥- إن طموحنا هو أن يتعدل مسار المنبر الحسيني كي يظهر الوجه المشرق للدين الاسلامي الذي يوافق العقل والعلم.

نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يطرح في جهودنا جميعاً البركة، ببركة الدماء الزكية المسفوكة على أرض كربلاء يوم عاشوراء، ولينصرن الله من ينصره، و الله غالب أمره ولو كره المشركون.

دمتم سالمين موفقين وعظم الله أجورنا وأجوركم.

إخوانكم،
مجموعة زدني فيك تحيرا
عنهم اخوكم
رياض الشيخ باقر
٧/ محرم عام ١٤٣٦ للهجرة

الجمعة، 31 أكتوبر 2014

الشيخ الدكتور المشاجرة: ليلة السابع من محرم في مأتم النمر لموسم ١٤٣٦ه

بدأ الشيخ محاضرته بتعريف العقل و العلوم، وتدرج في المراحل العقلية التي يمر بها الانسان.

كما قسم العلوم الى ثلاثة  :
علوم يقينية وهي العلوم الطبيعية
علوم ظنية وهي العلوم الدينية والإنسانية كالفلسفة والاجتماع والسياسة
وشبه الفنية كالتنجيم وعلم الحرف والأرقام ( يوجد من يختلف مع الشيخ المشاجرة على تقسيم العلوم بين هذه الأنواع....)

لقد أبدع الشيخ المشاجرة في طرحه الليلة من حيث عرضه الشامل لنظرية النبوة عند اصحاب:
- علم الكلام
- الفلاسفة
- العرفانيون
- منظري الثقافة و الحداثيين

كما أنه طرح مقارنة سريعة حسب ما سمح له الوقت لكل من هذه النظريات واستفاض في شرح نظرية الدكتور عبدالكريم سروش دون حرج واستعرض أهم نقاطها وفندها قدر المتاح وانتهى إلى القول أن الإرادة الإلهية والإرادة البشرية المسيّرة لأحداث عالم الناسوت هي أمر بين اثنين (الجبر والتفويض: إرادة إلهية مهمينة مع اختيار بشري حر). وأن الوحي تمثل في أعلى مراتبه وهي الوحي المباشر في أفضل البشرية و أكملهم محمد ص وأن قلب محمد استوعب كل العلوم المستودعة في العقل الفعال (العقل العاشر). وأكد أن المعاني القرآنية جاءت ترادفها الألفاظ الكلامية بالعربية الفصحى من الروح الأمين جبرائيل وأنها ليست تقولاً من محمد ص، وأنها ليست من إرادته فأحداث جسام حدثت للرسول لم ينزل فيها وحي.

إلا أن الشيخ فاتته الآية التي تؤكد المنزلة العليا التي ترقّى فيها رسول الله محمد ص عندما قال القرآن العظيم "دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى" وقد أجمع الكل أن المعنى بالقوسين هما النفس الكلية والعقل الأول، أو بمعنى آخر قرآني هما اللوح و القلم، فالمراتب التي ترقاها رسول الله تجاوزت مقام إسرافيل وميكائيل وجبرائيل (السماء الرابعة) وترقى لوحده صلى الله عليه وآله إلى السماء الخامسة ثم السادسة ثم السابعة ثم دنا ثم إلى جنة المأوى عند سدرة المنتهى.
فهو صلى الله عليه وآله خاتم هذه الدورة البشرية التي وصلت إلى كمالها به، ومنّ الله على سائر البشر به وبالوحي الذي استطاع ص بكماله ان يتلقفه و يهديه إلى البشرية نافعاً إياهم في عالمهم الناسوتي وعالمهم الملكوتي في الآخرة.



لحضور المحاضرة كاملاً على اليوتيوب:
http://www.youtube.com/watch?v=5hrnrqUnprs

رياض الشيخ باقر
31/10/2014

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

الشيخ الدكتور المشاجرة: نظرية الإمامة المنسية، أوردتنا النهر وأرجعتنا عطاشى - 4 محرم 1436هـ، مأتم النمر

في الليلة الرابعة من ليالي عاشوراء تطرق الشيخ اسماعيل المشاجرة لنظرية تطور الإمامة عند الشيعة.

أعان الله الشيخ الدكتور اسماعيل على ما تبقى من محاضرات لليالي الموسم العاشورائي الحالي. فمن خلال نظرة سريعة لعناوين المحاضرات التي وضعها بنفسه لليالي القادمة و ما تحمله من مضامين عقدية و فكرية و فلسفية و علم للكلام عاشه الشيعة الأمامية خلال تطورهم الفكري و العقدي. فهي أمور أخذت تشغل الساحة الفكرية في وقتنا الحاضر لما لها من قوة في الطرح ومن حجة علمية وعقلية مقابل حجة النقل الروائي الذي يستند عليه من يدحض هذه الأطروحات. ولا يخفى على أحد هشاشة سند و متن الكثير من الروايات.

و جناب عزيزنا الدكتور الشيخ اسماعيل اتكأ بكله هذه الليلة على المسلم المشهور من المرويات في دحض مفاصل تطور نظرية الإمامة عند الشيعة الأنثى عشرية و أخاله يقصد النظرية التي طرحها الأستاذ الشيخ أحمد الكاتب في كتابه الذي يحمل ذات الاسم، كما استند على مرجع روائي واحد في دحضه لأفكار نظرية التطور هو كتاب بحار الأنوار للمجلسي.

ومن يعرف المجلسي يعلم أنه كبير علماء سلاطين الدولة الصفوية التي برر المجلسي كل تجاوزات و أفعال الصفويين، وإذا ما سقنا الأعذار له في مناصرته وتأيده المطلق لهم فكيف لنا أن نغمض عيوننا و نقفل عقولنا أمام التضارب الصارخ في الروايات التي أوردها حتى غدا البعض يسمي المجلسي بخاري الشيعة و كتاب بحار الأنوار صحيح البخاري.

كان من الأحرى من جناب الشيخ ان يستدل بآيات القرآن العزيز في دحضه للنظرية وأن يلاقي علم الكلام  بعلم مثله و يفند النظرية بنظرية تخالفها وسوقه للمشهور من الروايات لمن لا يؤمن بها ليس إلا كمن أوردهم النهر وأرجعهم عطاشا ، وبذلك لا يزال  البعض ممن اطلع على تطور النظرية وسمع بها أو قرأ عنها كمن اطلع على الحجج الراوائية التي تؤصل مفاصل المعتقد الإمامي الشيعي. إن شغف معرفة الحقيقة إنما هي متجذرة في القرآن و صحيح ما روي عن النبي ص بعيداً عما روي في مراحل زمنية لاحقة بعده (ص).

أعان شيخنا العزيز و دعائنا له بالتوفيق،

لحضور محاضرة الليلة الرابعة كاملة، الرابط:
http://www.youtube.com/watch?v=qTUtG6obYMg


ولكم التحية
رياض الشيخ باقر
28/10/2014

الأحد، 26 أكتوبر 2014

سنتنا الهجرية

هل محرم هو بداية السنة الهجرية؟ وما علاقة الهجرة العظيمة التي قام بها رسول الاسلام محمد صلى الله عليه و اله و سلم في شهر ربيع الأول بشهر محرم؟ وهل هو (محرم ) يوم من أيام العرب كي يؤرخ به؟

إن ما اصطلح عليه بأيام العرب، وهي حوادث وقعت، اتخذها العرب يومًا يؤرخون به أحداثهم و وقائعهم و أشهرها يوم واقعة الفيل وحلف الفضول قبل الاسلام، وبعثة محمد ص بالنبوة وهجرته وصلح الحديبة بعد الاسلام. وقد بقي العرب دهراً يؤرخون بالعام الذي وقعت فيه غزوة أبرهة الأشرم على الكعبة المشرفة بقيادة جيش من الحبشة يتقدمهم فيل، فعرفت الواقعة بواقعة الفيل. فصار يقال قبل عام الفيل بكذا سنة أو بعد عام الفيل بكذا سنة ، وجرت أحداث مهمة اخرى منها مولده صلى الله عليه وسلم في عام الفيل ( أرخ مولده ص بهذا العام و ليس العكس) و كذلك بعثته وهجرته ودخول الناس الإسلام أفواجاً في السنة التاسعة للهجرة.

فلا يعقل ان يظل المسلمون بعد بعثة رسول الله و بعد هجرته دون أن يستندوا في تأريخهم بيوم من أيامهم الإسلامية، يؤرخون به أحداثهم، لاسيما لو أخذنا بعين الاعتبار عظمة ما حدث من تغير شامل في حياتهم. فهل يعقل أنهم أقاموا سنين يدونون أحداثهم مؤرخين بعام الفيل طوال ثلاثة و عشرون عاما هي من أفضل الأعوام التي مرّت عليهم وهم يحييون في ظلّ أحب خلق الله إليه محمد ص.

إن ما ذكره كل الكتاّب الذين يؤكّدون أن التاريخ الهجري المعمول به حاليا وضعه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب بسبب توسع رقعة الدولة الاسلامية و حاجتها الى الدواوين و تنظيم أمور الدولة، ما  هو الا ما سطرته لنا كتب التاريخ و ما أكثر الأخطاء و قلب الحقائق فيها. فهل يعقل ان دولة الرسول، وخصوصا في العام التاسع للهجرة، وهو العام الذي ذكره القرآن الكريم (سورة الفتح ) و ما تلا ذلك من إصلاحات اقتصادية و تنموية قامت على يديه ص و بسط نفوذ دولته على جميع ربوع جزيرة العرب، تظل دون تأريخ يدون في  كتبهم ومراسلاتهم، حتى يأتي من بعده من يعي أهمية اتخاذ يوما غير يوم الفيل يؤرخون فيه أحداثهم ووقائعهم؟

أنا أشك في دقة ما كتب و ما قيل في اتخاذ محرم الحرام اول شهر من شهور السنة الهجرية الا انه ليس عندي اي دليل على شكي هذا.

فكتب التاريخ لها ما لها و عليها ما عليها و تأثرها بالاسرائيليات واضح وجلي ولا ينكره اصحاب هذه الكتب بل ينسبون قولهم له و بالاخص ما روته التوراة في أسفار التكوين و خلق ادم ، فقد سلم كل المؤرخون بما ورد في تلك الأسفار فهل المطلوب هو التسليم به ام التدبر فيه ، فهي امور إن سلمنا بها سوف تصطدم مع الحقائق العلمية و العقلية.
كما اني شخصيا ليست لدي حساسية من نسب إصلاحات قام بها الصحابة ممن نخالفهم في الرأي و السلوك بالرغم من إيماني بالانقلاب الذي قاموا به بعد وفاة رسولنا الأكرم ص.

إن الموضوع وما فيه، ما هو إلا تقديس هذا التراث الذي أكثره ملفق و موضوع ضاعت معه الحقيقة و سلبت معها عقولنا.
فهل لنا ان نصدق الاعمال الوحشية من قتل و سلب و غزوات نسبها المؤرخون للرسول الله  على أنها من اعمال و القرآن يشهد بخلافها. فهو صلى الله عليه أرسل رحمة للعالمين وهو على خلق عظيم و هو من كشف عنه الغطاء فبصره اليوم حديد.
وكثيرة هي روايات المحدثين و أهل الأخبار التي تتعارض مع صريح القرآن و أخص مرّة أخرى ما روي عن السبي و العبودية و الغنائم و تعدد زيجاته و هجرته و سلوكه الخاص و العام.

وقولي هذا لا يعني إلغاء كتب التاريخ كمرجع كما يتخوف منه الكثير وهم على حق في تخوفهم ولهم العذر، إنما لا عذر في من لا يريد التدقيق و المراجعة فيما ذكر و يقف موقفاً معاندا لنقده و تفنيده إن تبين عدم صحته ، فلا صحيح إلا القرآن العزيز.

ولكم تحياتي،
اخوكم

رياض الشيخ باقر

 26/10/2014

السبت، 25 أكتوبر 2014

"فيه تبيان لكل شيء" فمن أين جاء حد الرجم؟

لقد شهد الله على كتابه العزيز أنه كتابه العزيز:
١- فيه تبان لكل شيء
٢- لا صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها
٣- انه ذكر ميسر للفهم و التدبر

هذا دليل على أن السنة المطهرة المروية عن رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليهم هي شارحة لكتاب الله وليست مكملة له. فما بالك إذا كان القرآن الحكيم قد أنزل حكمه في الزناة بكل صراحة ووضوح. فالمحصنين يجلدون (١٠٠) مائة جلدة و غير المحصنين (٨٠) ثمانون جلدة.

فكيف تزهق أرواح مقابل جرم الزنا والقرآن يقول أن النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص؟ أي أن النفس لا تقتل إلا مقابل زهقها لنفس. وإذا راجعنا السنة المطهرة في الحديث المنسوب لرسول الله في إقامة حدّ الرجم فالرواية تقول انه قد أوتي له بمحصنة زنت فقال لا اعلم ما افعل بها فلم يخبرني ربي، فأتوني بأهل الكتاب لنعلم ما عندهم فجيء بحبر من اليهود فسأله رسول الله عنها فقال أن حكمها عندهم هو الرجم. فطلب الرسول الدليل ففتح له التوراة و قرأ له الحكم ، فأمر الرسول برجمها فرجمت و ماتت.

وأنا شخصيا استعيذ بالله من هذا كله و أبرأ إليه. فقرآننا كامل وواضح ونبينا عالم معلَّم من لدن العزيز حكيم، أنزلت عليه آيات بينات واضحات في أقل الأمور شأننا فما بالك في مسألة زهق نفس محرمة.

إن الدس و العبث و تشوية رسالة الاسلام و رسولها واضح و جلي، وإلى الله المشتكى.
مع تحياتي،

رياض الشيخ باقر
25/10/2014

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

يا رحمة الله الواسعة

طلب مني أحد الأخوة التعليق على إضاءة من إضاءات الشيخ حيدر حب الله، انتشرت في قنوات التواصل الاجتماعي بعنوان "حكم إظهار المرأة مقدّمة شعرها، والحجاب في بلاد غير المسلمين"، فكتبت:

تحيتي عزيزي صلاح،

معظم الأحكام المتعلقة بالمرأة هي من المسلمات المشهورة ليس إلا. أما ما ورد في القرآن، فقد جاء النهي القطعي عن تغطية وجه المرأة بل إن صلاتها و طوافها لن يقبل في حالة تغطية الوجه و المفارقة عجيبة إذ أنه في عصر الجاهلية كانت النساء تطوف لوحدهن و الرجال لوحدهم فجمعهم الاسلام في الطواف وأحل للمرأة أن تصلي أمام  أو بجانب الرجل الأجنبي الذي جاء من بعيد و المسافر، كما أن آية الحجاب جاءت لتغطية الجيب وهو الصدر أي ( نهود المرأة ) وهي لهجة متأدبة معتادة من القرآن العزيز، كقوله "اذا لامستم النساء" او قوله "اللاتي دخلتم بهن" و يرى بعض فقهائنا ان المطلوب من المرأة هو الحشمة ليس أكثر بأن تخرج إلى مجتمعها بإنسانيتها وليس بأنوثتها و يستدلون بذلك من خلال نوع المصطلح المستخدم في القرآن عندما يذكر كلمة النساء او امرأة او أنثى، فلكل ذكر من هذه المصطلحات مقصد من مقاصد الشريعة كما أن بعض الفقهاء أمثال السيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ الفضلي ممن عاصرتهم وشهدت مجالسهم لا يرون في الحجاب و يجهرون بذلك لمن يثقوا به في مجالسهم الخاصة و قد سمعت منهم ذلك مباشرة كما أن معظم الفقهاء لا يرون أن الحجاب، وإن لزم سائر جسد المرأة، إلا أنهم لا يرونه في الشعر من خلال ان تعريف الزينة هو ما يضاف على الشيء و من خارجه و الشعر خلق من خلق الله في الجسد
و قد دخلت معظم أحكام الفقه المتعلقة بالمرأة في التشريع من باب سد الذرائع و باب الاحتياط و أصبحت واجبة لما لها من شهرة و سطوة عرفية ليس إلا كما أن معظمها في الأصل من التوراة منحول ومتقول على نبي الله موسى ع.

فاللباس السائد ( العباءة السوداء و البرقع ) هو لباس اليهود تحقيرا لنسائهم أما في الاسلام فلبس السواد مكروه و يستحب لبس البياض دليل الطهارة و العفاف كذلك حد الرجم ليس له أصل في القرآن بل هو متقول على رسول الله ص عبر الإسرائيليات.
لكم التحية و التقدير
اخوكم
رياض

 يتبع....

إن جعل المرأة في موضع الفتنة و السوء و سبب المعصية هو تراث توراتي يجب الابتعاد عنه. ثم ما هذا الشذوذ الذي نجده لدينا والذي يجعلنا لا نتحمل رؤية خصلة شعر. أتعرف أن التحرش الجنسي في البلاد المتعصبة دينيا هو الأعلى في العالم؟
١- أفغانستان
٢- مصر
٣- السعودية

لقد قدم القرآن فضل المرأة على الرجل و نسب لها العفة و الطهارة خلافاً للرجل، فقال: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصننا" وقال على لسان أم مريم ع "وليس الذكر كالأنثى" و استثنى في ذلك مقام الرسالة حيث يتطلب لها جهد وحركة الرجال.

فالعيب إذاً فينا اخي وليس في المرأة.

يتبع....

إن العلاقة بين الله و الإنسان أجل وأكبر مما تصوّره بعض الأحكام الفقهية. فمقاصد الشريعة يجب ان تتطابق مع مقاصد القرآن و الا فلا شك أن الشريعة قد تم تحريفها.
خذ مثلاً آية تحريم الأطعمة، فهي لم تأت إلا على ذكر تحريم
الميتة
الدم
لحم الخنزير
وما أهل لغير الله

فقط وفقط و الميتته هي الجيفة التي عرفتها الآية الاخرى: والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ومآ أكل السبع

أي ان التحريم هو تحريم تكويني مع تكوين الجسد البشري حين خلق.
فما ذكرته الآية من تحريم هو كون ما حرمته هذه الآية الكريمة فاسد و مضر لكل من يأكله بغض النظر عمن هو مؤمن أم كافر، نبي او شيطان. كما أن ما أهل لغير الله، أي ما ذبح  قرباناً لصنم او طاغية يعبد من دون الله حرمته من باب تضاربه مع وحدانية الله وكرامة الانسان. وما عدا ذلك فليس بمحرم. أي ان المذبوح الغير مذكى فيه خلاف فقهي فهو ليس بميتة ولا حرمة فيه و تركه من باب التعفف. و بعضهم أجاز ذكر البسملة عليه و أكله.

يتبع....
وهذا ينطبق على جميع الحيوانات البحرية وغيرها مما لم تذكره الآية الكريمة أكله من عدمه يأتي من خلال الذوق العام و المتعارف عليه جواز الأكل لكل ما لم تذكره آية التحريم. وبعض العلماء يرون أن توسعة دائرة الحرام هو تضييق لرحمة الله الواسعة و تحريم لما أحل الله و تحريم نعمه و زينته التي خلقها لأجل خلقه و خليفته على أرضه ألا وهو الانسان.

يتبع....
إن الهدف الأسمى من خلق الانسان هو: "إني جاعل في الأرض خليفة"

و الغاية هي:"ثم إليه ترجعون"

والوسيلة هي: "وما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون"

وطريق ذات الشوكة هو: "هو الذي يبليكم ليعلم أيكم احسن عملاً"

يتبع...

الخلافة هي:
معرفة الله
معرفة الانسان نفسه
عمارة الارض
كشف أسرار الكون
كشف كنوز الارض
معرفة سنن الله
معرفه العلم واكتشافه

فتأمل عالم خير من عبادة جاهل
وأنفاس العالم في نومه خير من قيام الجاهل في صلاته

يتبع...
 خلقنا، فبنا عرف، وبنا عبد، وبنا ظهر، وبنا عمرت الارض، وبنا عرفت أسماؤه و صفاته، فهو الخالق عندما خلقنا، وهو الرازق عندما رزقنا، وهو المدبر عندما دبر هذا الكون لنا، وهو المعبود عندما عبدناه، وهو الاله  عندما ألّهناه، وهو الظاهر عندما عرفناه، وهو الأول عندما أصبحنا نحن التالي، وهو الباطن و نحن الظاهر، وهو أصل الوجود ونحن الموجود، وهو الذات المتعالية و نحن النفخ - روحه - الذي استودعه في أجسادنا البشرية إلى حين يستوفيها حال وفاتنا.

يتبع...

المبالغة في تشدد الأحكام الفقهية بما لم ينزله الله ما هو إلا تضييق لرحمته و حرمان لنعمه و صرف الأنظار عن خلافته و الغوص في جهالات الكهنوت و الدروشة و الرهبانية التي ما انزل الله بها من سلطان.

إن مخ العبادة هو معرفة الله،
وأجلّ المعرفة هو حبه،
وأجلّ حبه هو عشقه،
وأما عشقه فهو خدمة عياله،
وأما أقربكم الى الله فأنفعكم لعياله،
و أنفع الناس للناس من عرف كنوز ظاهر الأرض و باطنها و عرف أسرار قوانين و انظمة كونه فاكتشف العلوم واخترع وصنع وعمر الارض. فكل العبادات مرجع فائدتها للإنسان و لا ينال الله منها شيء.

فالصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر، والزكاة طهارة وتزكية، والصوم صحة وجنة، والحج منافع للناس، و الله غني عن هذه العبادات والناس هم الفقراء إلى الله.

يتبع....

الله لا إله الا هو، هو الغني ونحن الفقراء إليه. خلقنا من روحه وصنعنا بكلتا يديه، وكلتا يدية يمين ويمينه الرحمة ويمينه الأخرى الرحمن، أحبنا فأحب أن نعرفه، نعرفه بأنه كنز مخفي، وبأننا نحن الكنز الظاهر.

يتبع....

كلتا يديه يمين، يمين فيها الرحمن و يمين فيها الرحيم. رحمة خاصة ورحمة واسعة عامة.

يتبع....
أسماء الله و صفاته مبنية على الجمال و الجلال

و قدم الجمال على الجلال واستودع الجمال في المرأة و استودع الجلال في الرجل و استودع في الجمال أكثر مما استودعه في الجلال. كما استودع في الجمال أسراره و أحب أسمائه و صفاته إليه. فقد استودع في الجمال أسماء و صفات منها :
الرحمن
الرحيم
الغفور
الودود
البديع
اللطيف
المنان
الحنان
الرؤوف
السلام
الرازق
...
و القائمة تطول

وجعل الجمال في المرأة كي تلين نفوسنا لرحمة الله و تبتل أنفاسنا بما أبدع من جمال و ترتوي من عطش الصحراء و جفافها القاتل الأثيم.

يتبع....

استفتح الله كتابه الكريم بقوله
" بسم الله الرحمن الرحيم "
جمع فيها جل وعلا اسمه الجامع الأعظم "الله" و اسمين من أسماء الجمال: الرحمن والرحيم و لم يكتفي، بل كررهمها عندما قال "الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم". فاسم الجمال "الرحمن" من أحب الأسماء إليه فعند استوائه جل وعلا شأنه على العرش قال: "الرحمن على العرش استوى" ولم يقل الجبار على العرش استوى، لأن الله جميل يحب الجمال، فلم تخرجون خلقه من رحمته؟ "فما هي الا اسماء سميتموها".

يتبع....

لذا يوجد فرق بين الاسلام و الإيمان. فالإسلام هو الدخول في رحمة الله الواسعة. فكل من يؤمن أن لهذا الكون خالقا فهو مسلم  لقول كتاب الله العزيز " أبوكم ابراهيم هو سماكم المسلمين" و قوله "ومن يرغب عن ملة ابراهيم إلا من سفه نفسه " ولا يخرجه من الإسلام إلا قتله للنفس المحرمة لقول الرسول الأكرم محمد ص:
ومن هو في دائرة الاسلام الكبرى فهو في دائرة الرحمة الواسعة
ومن في الرحمة الواسعة حرم على النار ودخل الجنة

اكتفي
ولكم تحياتي

رياض الشيخ باقر
24/10/2014

السبت، 18 أكتوبر 2014

الدكتور فاضل الربيعي مفكر عربي صاحب كتب مهمة

قد نتفق وقد نختلف في التحليلات و الرؤى التي يأتي بها المحللون و بالأخص في الشأن السياسي، ولا نختلف أن الأحداث التي تمر بها منطقتنا هي أحداث جسام اشتد فيها الصراع و استعمل الكل أسلحته كي يحقق أكبر قدر من المكاسب.

ومن هؤلاء المحللين د فاضل الربيعي الذي أثار حفيظة أخوتي من التحليل الذي كتبه  ورد في بعض نقاشاتنا، مما أثار سخط و سخرية بعض الأخوة الأعزاء وحدا بهم ذلك إلى السخرية الشخصية به.

إلا أنني أخالفهم الرأي في شخص الرجل ، فنعم هو من المفكرين في العالم العربي وله من الكتب المهمة و الجليلة أذكر منها كتابه القيم عن قصة بلقيس في القرآن و تفكيكه القصة القرآنية بعيدا عن الأسطورة و الخرافة.

كما أن له كتاب آخر يعد سفرا من أسفار المكتبة العربية اسمه " المسيح العربي " هو من اهم الكتب ذات الطابع البحثي و التوثيقي لمرحلة أيام العرب في الجاهلية قبل الاسلام وقد طرح د الربيعي دراسة قيمة أصبحت مرجعاً لكل من يريد البحث عن تلك الفترة.
ما أود قوله هو أننا قد نختلف ولكن يجب ان يكون خلافنا في حدود ما اختلفنا فيه كي لا يضيع علينا خيراً كثيراً مما كتب هذا الدكتور المفكر الباحث.

ولكم تمنياتي
اخوكم
رياض الشيخ باقر
18/10/2014

الاثنين، 25 أغسطس 2014

المؤامرة.. هل هي حقيقة ام فزاعة؟

كثيرا ما خرج علينا كتاب منهم من ينفي نظرية المؤامرة بمقالات مطولة تسخف وتحط من قدر من يصرخ خوفاً منها، والمؤامرة في المخيلة العربية تشير إلى من يتأمر ضد مجتمع مسالم آمن مطمئن يعيش رغد العيش وطمأنينته وسكونه ويقصد بالمتآمرين، تلك الخلايا الصغيرة التي تعيش ظروفا صعبة كأن تكون أقلية إثنية وعرقية مضطهدة في أوطانها او على أراضي سكنتها من مئات السنين وهي تعود لقومية اخرى.

هذا نوع من انواع التآمر ولا يعني انه تآمر سلبي أم إيجابي فالكل يريد ان ينتزع ما يراه حقاً له بالأسلوب المتاح له، إنما حصر كتابنا فيمن ينظر الى الأحداث الجسام الجارية في منطقتنا الموضوع كله بالمؤامرة ومن ثم تسخيفها او تسخيف من يراها قائمة أو ما قيل أنها أيادي تحرك أصابعها في الخفاء قضايا الشعوب، وهذا بحد ذاته ظلم لمن أراد فهم الهجمة تلو الأخرى التي تستهدف اوطانه وثرواته وهو ايضا تسطيح لمجريات الأحداث في العالم وقد نحى من ادعى فهم اللعبة السياسية هذا المنحى وبدلا من الغوص عميقا في أسباب صراعات القوميات والحضارات وتغير نمط السلوك الاجتماعي الذي شد الانتباه الى مصادر الاقتصاد والثروات الطبيعية في العالم، اخذوا بالتهكم والتهجم على ما أطلقوا عليه دعاة ”أوهام المؤامرة“.

فلا شيء في العالم متروك لمحض الصدفة، فلا وجوده ولا سير الأحداث فيه. كذلك، فإن أنماط السلوك الاجتماعي للشعوب ليست متروكة للصدفة والأحداث الطارئة.

نعم من يعيش على هامش التاريخ وهامش الأحداث من الشعوب والمجتمعات ومنها على الخصوص مجتمعاتنا العربية التي لا تفهم أبجديات التخطيط فما بالك باستراتيجياتها الدولية، هم من يعيش وهم الصدفة وهم من يجعلوا من انفسهم ألعوبة للآخرين، وبذلك يحق لمدعي الثقافة والسياسة فيها ان يبرر فشله وهروبه عن فهم مخططات الآخرين الطامعين في ثرواتهم وأن يستخفوا بمن يكشف هذه المخططات ويوجهوا أسلحتهم عليهم بدلا من توجيهها الى الغزاة الأجانب.

نظرة سريعة وخاطفة لمراكز الدراسات وجولة عبر القوقل ومواقع الانترنت سوف تصيبك بالذهول من كثرة المراكز البحثية الاستراتيجية التي وضعت خططا غاية في الدقة وغاية في التفصيل عما يجب عمله للمحافظة على ما يطلقون عليه المصالح الغربية في الشرق الأوسط.

كما لا يجب ان ننسى الماضي القريب حيث كان مسمى وزارة الخارجية البريطانية هو وزارة المستعمرات وكيف سخرت هذه الوزارة المستشرقين في الدراسات والبحوث عن العالم العربي والعالم الاسلامي، حيث وجدت هذه الوزارة ضالتها فيهم لما لهم من شغف وحب في الاطلاع والدراسات البحثية الدقيقة والصادقة، ويحضرني اسم العلامة الفرنسي هنري كوربان الذي تعامل مع وزارة المستعمرات البريطانية وقدم أجلّ وأرقى البحوث حيث يعود له الفضل في كشف تراث أخوان الصفا والتراث الإسماعيلي الفكري الذي سرقه ابن خلدون وغيرهم، كما يعود له الفضل في الغوص في العرفان الاسلامي وتسليطه الضوء على رموزه في مراحل وحقبات تاريخية مضت.

كما أن المؤلف الضخم المكون من أربعين مجلداً للمحقق والدارس ج ج لوريمر الضابط البريطاني الذي خدم هذه الوزارة بأهم الكتب التي تعد من أفضل الموسوعات المرجعية عن الخليج وقد خصص عشرين منها لشرح جغرافيا المنطقة والعشرين الاخرى دراسات اجتماعية وقبلية لأهالي المنطقة والمذهل أنه لم يترك تفاصيل التفاصيل في الحياة الاجتماعية والدينية لكل الفئات الاجتماعية التي عاشت على ضفاف الخليج من مدينة القرنة حيث التقاء نهري دجلة والفرات إلى مضيق هرمز.

كل هذه الدراسات لم يتم تخصيص الأموال الطائلة والطواقم المتخصصة وبذل لأجلها الغالي والنفيس من أجل تزيين رفوف المكتبات بل لكي توضع المعلومة الصحيحة تحت يدي من يرسم الخطط والاستراتيجيات التي تحافظ على مصالح من سهر الليالي وأنفق الأموال وجند الجنود ودفع الضرائب، إنه صراع وتدافع مصالح، لا ينال إلا بشق الأنفس. ومن كانت المعلومة والعلم وخفايا التاريخ وسنن وقوانين الطبيعة وسلوك المجتمعات وعلم الأديان حاضرة في عقله فسوف يستخدمها ويطوّعها لخدمة مصالحه، وهذا هو ما يطلق عليه التخطيط الدولي الاستراتيجي الذي تقوم به الدول ذات السيادة والكرامة التي تحافظ على مصالح شعوبها ولو تطلب منها وجود الف ميكافيلي بين اطقمها السياسية.
أما من يستخف بمجريات الأحداث الجسام تحت تفريع ”المؤامرة“ فليعد إلى لعبة البوكر التي يلعبها وإلى مشاهدة أفلام الكرتون ويكمل أكل ”القز“ لأن الأحداث ومن يصنعها في عالمنا العربي قد تجاوزوه ولم يعودوا يكترثوا لمقاله المدفوع الأجر مسبقا.

الأربعاء، 20 أغسطس 2014

مثال من التاريخ المزور على النبي: معجزة الوحي النازل على ناقة رسول الله

لقد زرع بني أمية رواية مفادها أن رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم عندما هاجر من مكة الى المدينة المنورة، اختلف الأنصار فيما بينهم كل يريد شرف ضيافته و إقامته عنده.

فجاءت الرواية بحل لهذه المعضلة فقد نزل الوحي على ناقته و دلها على مكان سكناه صلى الله عليه واله:

وكان من الطبيعي أن نصدقها هذه الرواية وأمثالها لأنها رواية منقولة بإجماع المسلمين، كما أننا رُبينا منذ نعومة أظفارنا عليها ونحن نحضر دروس السيرة النبوية. لكن مغزى هذه الرواية بعيدة كل البعد عن تلقينا البريء لها إذ تقصد ما يلي:

- ليس للرسول والأنبياء أي ميزة أو شرف بالوحي المنزل عليهم، فها هو الوحي ينزل على بهيمة.
-  لقد ترك الوحي هذه المرّة الرسول واختار البهيمة.
- لقد أُمر الله الرسول بالإنقياد خلف البهيمة. وقرارها هو حجة على الناس في تلك الحادثة.

ومما لا شك فيه أن القصد من وضع رواية كهذه هو الاستخفاف بمقام النبوة العظيم و صاحبها الأجل الأكمل محمد ص وهو كمالُ كمالِ النوع الإنساني، فحاشاه ذلك وهو صاحب مقام "العقل الاول" وصاحب مقام "قاب قوسين او أدنى ".

فما هو تحليلنا وتصويبنا لهذه الرواية؟

في آخر سنة من حياة عبدالله بن عبدالمطلب أبو رسول الله صلى الله عليهم أجمعين، أرسله أبوه عبدالمطلب إلى المدينة المنورة في موسم صرم التمر حيث أن بعض كتب السير تثبت أن:

- عبد المطلب كان يملك مزارع نخيل و مسكن في المدينة ورثها عن أمه من قبيلة بني النجار زعماء المدينة و أثرى أثريائهم.
- يعتبر أخوال عبدالمطلب من بني النجار أكبر ملاك النخيل فانحصرت تجارة تمورها بيد عبدالمطلب.
- تجارة عبدالمطلب كانت في قافلة قريش المكونة من ١٦٠٠ بعير، وهو يملك منها ٢٠٠ بعير تقريبا ومعظمها محمّل بالتمور.

وبعد وصول عبدالله إلى المدينة أصابته حمى من بعوض ينشط في بعض الأحيان بسبب تراكم مستنقعات المدينة التي تنصرف فيها مياه الآبار و بسبب تعفن تجمعات المياه بعد مواسم الأمطار فاشتد به المرض حتى يُئس منه بعد شهر ونصف مما استدعى منهم الطلب من أبيه عبدالمطلب المجيء إلى المدينة على عجل وبعد أسبوعين توفي سلام الله عليه، فدفنه أبوه في البيت الذي يملكه و اشترى الدور التي حوله ووهبها مع مزارعه التي في المدينة لآمنة بنت وهب زوج ابنه عبدالله وأم حفيده محمد كي يرثها محمد صلى الله عليه واله من بعدها.

وهذا ما حدث، فقد وفد صلى الله عليه إلى المدينة وسكن في ملك له وفي حلاله وكان من البيوت العظيمة الجميلة البناء حيث كان زعماء مكة و المدينة يجلبون البناءة المتخصصين  في عمل القناطر و الأسقف التي تحمل الدور العلوي من الشام.

بل إن ما قيل من أن أبو أيوب  الانصاري قد استضافه إلى حين بناء دار له غير صحيح على الإطلاق فهو كان أمينا على أملاك رسول الله إلى حين قدومه و ظل يخدمه سبعة اشهر.

و قد كان منزله ص يتكون من طابقين فسكن العلوي وظل السفلي للاستقبال وسكنت الفواطم الدور الأخرى عند وفودهن إلى المدينة. و كان المسجد في برحة ما بين الدور وهذا ما يفسر وجود بعض أبوابها تطل على المسجد.

فلا ناقة ولا هم يحزنون بل دعوة ورسالة رعاها وحفظها أهلها بأشفار العين، كابر عن كابر.

مع تحيات اخوكم
رياض الشيخ باقر
20/08/2014

السبت، 19 يوليو 2014

رأي في التاريخ: حذيفة بن اليمان الهمداني رضوان الله عليه

كان رضوان الله عليه محل أسرار رسول الله و عينه التي لا تنام، وهو الموكل بالقيام بالمهام السرية التي ينتدبه لها رسول الله.

تجنب القوم بعد وفاة الرسول واعتزلهم وآمنهم من عدم كشف ما يحمله من أسرار مقابل أن يكفوا عنه. ولم يقبل باغراءاتهم ولم يقبل أي منصب في الدولة إلى أن آلت الخلافة إلى الامام علي الذي أرجعه إلى المنصب الذي ولاه فيه رسول الله. ومن خلال مهامه وقع على خلية يترأسها عبدالرحمن بن ملجم تخطط لاغتيال الإمام علي فقام بالقبض عليها متلبسة وهي مجتمعة تدرس خطط وقام بالتحقيق مع أفراد الخلية واعترف الكل بعزمهم بالاغتيال، وسجنهم على ضوء اعترافهم وقام بإخبار الإمام علي الذي شكره و أمره بإطلاق سراحهم و مراقبتهم و تحذيرهم لأن نيتهم فقط لا تجيز حبسهم. فهم لم يقوموا بالفعل بعد و عندما جادله في إطلاق سراحهم خيّره الامام علي إما الاستجابة لأمره أو أن يترك منصبة، فاستجاب حذيفة على مضض لطلب الامام ، لذا عندما دخل الامام المسجد ورأى ابن ملجم فيه أيقن بنيته وما استبطن من نية بالفعل.
المؤرخون أعطوا حذيفة منصب مدير الشرطة و الصحيح هو مدير المباحث و الاستخبارات.

لكم تحياتي
رياض الشيخ باقر
19/07/2013

الثلاثاء، 8 يوليو 2014

رأي: آدم الدور وآدم الخليقة

كثيراً ما يتناقل الاخوة الكرام مقاطع عن اسماء الانبياء و الرسل و يخلط فيها ما بين ادم و نبي الله ادريس عليهم و على رسولنا افضل الصلاة و التسليم .

و للتمييز بينهما و لتوضيح المقصد ابدأ حديثي بخير الأقوال حيث يقول المصطفى محمد صلى الله عليه و اله و سلم:
" قبل آدمكم هذا الف الف آدم و بعد آدمكم هذا الف الف آدم"

هذا الحديث الشريف يشرح و يوضح بعض مفاهيم السنن الكونية التي جاء ذكرها في القرآن الحكيم وهي من السنن الجليلة القدر التي تشير إلى قدرة الله وعظمته وحكمته وغلبته وقهره ، فقد أشارات آيات كثيرة منها ما في سورة يونس بأن للبشرية دورات مدة كل دورة خمسون الف سنة أشار إليها الحديث الشريف بآدم و يعرفه الفلاسفة العرفاء بآدم الدور.

والأرجح فيما أراه، أن آدم دورنا الحالي الذي نعيش فيه كانت بدايته قبل سبعة آلاف سنة من بعثة رسولنا محمد المصطفى صلى الله عليه واله وسلم، حيث قال في حديث له " بيني و بين آدم سبعة آلاف سنة" وآدم الخليقة في القرآن الحكيم إشارة إلى المجموعة البشرية التي كانت النواة التي كونت الجنس البشري و قد جاءت قصتهم و ذكرهم في سورة الكهف ، أي أن الجنس البشري الذي ابتدأت الخليقة البشرية بهم هم الفتية الذين آمنوا و هم الفتية الذين قاموا وهم الذين آووا إلى الكهف ( الأرض ) والإشارة تشمل كل دورة من دورات آدم لأن البداية واحدة و متشابهة.

كل ذلك غير آدم النبي في القرآن الذي هو نبي الله ادريس عليه السلام.

أما ما نعرفه عن آدم فهو ليس إلا نقل قام به أكثر المؤرخين من تعرض للتاريخ البشري قبل كتابة التاريخ من أمثال ابن الأثير والطبري و ابن حبيب و ابن هشام و غيرهم فهم لا يعتبرون الا ناقلي أقوال بني اسرائيل في توراتهم و أسفارهم المنحولة ولا معول عليها، بل المعول و المتكأ على ذلك هو قرآننا العزيز الذي يجب ان نتبحر فيه عبر تحريره من التفاسير المتأثرة بالاسرائيليات.

اخوكم
رياض الشيخ باقر
08/07/2014

الأربعاء، 2 يوليو 2014

قصة الخلق

من جملة ما تسلط عليه اليهود من قضايا، وتم تسويقها علينا باسم النص الديني عندما قاموا بتحريف التوراة، هي قصة الخلق.

فقد قاموا بتسطير رواية لا حقيقة لها على "أن الجنس البشري تكاثر من رجل واحد ( ادم ) وحتى زوجته خلقت من ضلعه ( حواء ) و عندما رزق بالذرية قام بتزويج الأخ على الأخت محتجين أن الضرورات تبيح المحظورات. فتقاتل الأخوين قابيل وهابيل على الأخت الجميلة، من يأخذها حتى احتكما إلى الرب بأن يقدما قرباناً. فمن تُقُبل منه فهو صاحب الحق في اختيار الفتاة التي يتزوجها".

هكذا تقول الأسطورة التوراتية التي انتشرت في التراث الإبراهيمي ولم يسلم منها التراث الإسلامي حتى غدت من المسلمات العقدية التي لا يمكن المساس بها.

فما هو الأصل في قصة الخلق ، او بالأحرى ما هي النظرة القرآنية في قصة الخلق.

يستدل من الآيات الكريمة التي جاءت بذكر الخليقة البشرية على ان الخطاب الرباني "القول" في عالم الأمر موجه إلى عموم الملائكة "إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" بالرغبة الإلهية المحفوفة بالعشق والمحبة أن يظهر ويُعرف. "كنت كنزا مخفيا فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق" من خلال مخلوقاته التي ابتدعها بجلاله و استودع في اجلها خلقا روحه: " فإذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين". إنه الانسان، ذلك الجنس البشري الذي أطلق عليه اسم آدم عندما عجنت روحه بأديم الأرض "من صلصال من حمأ مسنون" التي سيعيش عليها ويأكل ويشرب من خيراتها، وهذا التجلي هو تجلي الكثرة من الواحد الأحد وليس كما يقول اصحاب نظرية الفيض بأن الواحد لا يصدر منه إلا واحد، ودلالة ذلك أن خطاب الواحد كان للجمع ، فاستجاب نفر من هذا الجمع بمحض إرادته واختياره للعشق الالهي طلبا للخلد مع الخالد الأبدي "كنتم أمواتا فأحييناكم ثم نميتكم ثم نحييكم ثم إلينا ترجعون". مجموعة من الملائكة الكرويين لم يسعهم الا تلقف الأمر الإلهي "إنما أمرنا للشيء ان نقول له كن فيكون". ذلك الشيء الأموات تلقف عشق الله له فاستجاب طوعا وتلهف لعالم الأمر حتى اصبح ما بين الكاف و النون فكان و استحق مدح الله له ان خاطبه فقال "انهم فتية آمنوا بربهم فزدناهم هدى"و مدح اختياره فقال "..اذ قاموا  فقالوا ربنا رب السموات و الارض" و قبل السير في رحلة الهبوط و العروج فقال "إذ أوى الفتية الى الكهف فقالوا ربنا ءاتنا من لدنك رحمة".
فاساس الجنس البشري مجموعة أزواج استدل العلماء أن عددهم سبعة أزواج من قوله تعالى "سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم و يقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب و يقولون سبعة و ثامنهم كلبهم قل ربي اعلم بعدتهم .." ومن هؤلاء الأزواج السبعة انتشرت منهم البشرية آدم يخلفه ادم في دورات بشرية متعاقبة منذ أزل الازل لا يعلمها إلا الله " قبل آدمكم هذا الف الف آدم و بعد آدمكم هذا الف الف ادم" و كل دورة بشرية (دورة آدم) مدتها خمسون الف سنة " تتعرج الروح و الملائكة في يوم مقداره خمسون الف سنة".
كما أنه حاشا لله أن يكون الجنس البشري من نكاح السفاح (زواج الأقارب المحرم) "حرمت عليكم أمهاتكم و بناتكم و اخواتكم و .." فهو محرم منذ تكوين الإنسان، ولا يجوز إطلاقا نسبة العيب أو القبيح لله جل و علا عما يقولون علوا كبيرا.

رياض الشيخ باقر
02/07/2014

الأربعاء، 25 يونيو 2014

من أسرار الفاتحة

لماذا لا تصح صلاتك بدون قراءة سورة الفاتحة:

- إن قولك بسم الله الرحمن الرحيم يفتح لك باب الذكر
- قولك الحمدلله رب العالمين ، يفتح باب الشكر
- قولك الرحمن الرحيم ، يفتح لك باب الرجاء
- قولك مالك يوم الدين ، يفتح باب الخوف
- قولك إياك نعبد وإياك نستعين ، يفتح باب الإخلاص المتولد من معرفة العبودية
- قولك اهدنا الصراط المستقيم ، يفتح باب الدعاء و التضرغ ، ادعوني استجب لكم
- قولك صراط الذين أنعمت عليهم الى اخر الآية ، يفتح باب الاقتداء بالأرواح الطيبة و الاهتداء بانوارهم

فجنات المعارف الربانية بأبوابها الثمانية انفتحت للمصلي بهذه المقاليد الروحانية وهو بيان المعراج الروحي في الصلاة
( المصدر : تفسير القرآن لصدر المتألهين الشيرازي )


إن آيات الفاتحة سبع و الاعمال المحسوسة ( الحركات ) في الصلاة غير القراءة و الأذكار سبعة هي:
١-القيام ( الوقوف )

وقول الحمد لله رب العالمين بإزاء الركوع هو ثناء على الله بسبب الإنعام الصادر منه للعبد
فهذه الاعمال تمثل شخص الجسد و الفاتحة هي روحه و بهذا يحصل الكمال و الحياة عند اتصال الروح بالجسد ، و البدء بالتسمية ، فكل امر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو ابتر فإذا قال " الحمدلله " فقد شكر الله و اكتفى بالحاصل فزالت شهوته ومن عرف انه " رب العالمين " زال حرصه فيما لم يجد و بخله فيما وجد ، ومن عرف انه " مالك يوم الدين " بعد ان عرف انه " الرحمن الرحيم " زال غضبه ، ومن عبد من استعان به " إياك نعبد وإياك نستعين " زال كبره ممن عبد و ازداد عجبه بمن استعان ، و اندفع عنه شيطان الهوى " اهدنا الصراط المستقيم " و زال عنه كفره " صراط الذين أنعمت عليهم " و زالت عنه بدعته " غير المغضوب عليهم ولا الضالين "فإذا زالت عنه هذه الكدور ( السيئات ) الستة التي هي منشأ و مجمع الشرور كلها فقد زالت عنه الحجب التي تبعده عن جناب القدس

٢-الركوع
حالة متوسطة بين القيام و السجود و ذكر النعمة الكثيرة مما يثقل الظهر فينحني.

٣-الانتصاب من الركوع
في قوله الرحمن الرحيم مناسب للانتصاب لأن العبد لما تضرع إلى الله بالركوع فاللائق برحمته أن يرده الى الانتصاب.

٤-السجود الاول
قوله مالك يوم الدين مناسب للسجدة الاولى للدلالة على كمال القهر و الجلال و الكبرياء.

٥-الانتصاب من السجود

٦-السجود الثاني
و اهدنا الصراط المستقيم طلب لأهم الأشياء فألقي به السجدة الثانية لتدل على نهاية الخضوع .

٧-الجلسة  ( القعود )
إياك نعبد و إياك نستعين مناسب للقعدة بين السجدتين.

( ملخص قراءة في فكر صدر المتألهين الشيرازي )

مع التمنيات للجميع بالقبول

اخوكم
رياض الشيخ باقر
25/06/2014

الثلاثاء، 24 يونيو 2014

الاستعاذة في الدعاء

اختص الانسان من دون سائر الموجودات بخاصية تطوره و تبدله من حال إلى حال لأن مراتب الكمال لا متناهية، وحيث أنه في عالم الإمكان ( عالم الموجودات ) فهو لا يخلو من نقص و قصور و آفة و مرض و سقم ولا يتحقق له الكمال الأعظم إلا في الحضرة الإلهية. وقد علم الانسان بنفسه أنه عاجز عن دفع الضرر بالمطلق و جلب المنفعة بالمطلق. ولا يقدر على المطلق إلا الله الذي خلقه  لذا استعاذ به. والقصد القرآني بالاستعاذة هو الالتصاق والقرب و اللجوء إلى الله وإلى رحمته، أما الشيطان المستعاذ منه فهو عكس ذلك كله فهو من شاط، أي بعد، وذلك لبعده عن الرشاد والسداد. وقد عبر القران الحكيم في مواقع كثيرة عندما يقوم الانسان بطلب الاستعاذة بالله لإحساسه بعجزه، فتتولد عنده حالة الانكسار القلبي فيعبّر عنها بالتضرع والخضوع لله. وإذا حصل ذلك حصلت صفة أخرى في اللسان من حيث هو ترجمان القلب فيصير طالباً لما يجول في قلبه بلسانه.

والعمدة في الاستعاذة بالله هو علم العبد بنفسه وبربه. فمن ذل العبودية يهرب إلى عز الربوبية يلتجئ، فروحه حبيسة الجسد المادي الذي تحكمه حواسه وقواه الطبيعية التي تتحكم في شهوته وغضبه مما يجر روحه إلى حضيض عالم الجسمانيات المادية ، فكيف له أن يخلّص روحه من ذلك كله فهو كسائر الموجودات من حيث أن كماله مفتقر إلى جهات عدة وهو يطمح أن يسكن من الاضطرابات التي تصيبه بسبب جسده و نوازع نفسه و شهواتها فيتخلص من ألم المادة التي انغمست روحه فيها فيلوذ إلى بارئه فيقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" لأن الشيطان كما قلنا مبدأ كل بعد ونقصان ومنشأ كل شرّ وحرمان وخسران، فالاستعاذة هي من الشرور العارضة للنفس في هذا العالم المادي من جهة اقترانها بجسده، أما عالم القضاء الإلهي وعالم الأمر الرباني فهي بريئة من كل الوجوه عن الشرور و الآفات.

فالمستعاذ منه هو من الأمور القدرية الواقعة تحت القضاء في عالم الخلق و التقدير من ذوات الشرور اللازمة أو العارضة.

قال تعالى في محكم كتابه الكريم:
" قل أعوذ برب الفلق"

أي فالق ظلمة العدم بنور الوجود هو الله فاستعذ به (التصق به) فليس به شر أصلا، أما الشرور الحاصلة هي من الكدورات الناشئة من قصور هوية الموجودات لذلك قال "من شر ما خلق" فالشر من ناحية الجسد المخلوق، ثم عمد إلى ما هو أخص من ذلك فقال"ومن شر غاسق اذا وقب" أي من الشرور الداخلة في بدن الانسان من الغواسق الجسمانية و القوى الظلمآنية لأن النفس الإنسانية الناطقة خلقت في جوهرها نقية صافية قابلة للأنوار الإلهية فجاءت عتمة الجسد و غطتها بالغواسق المظلمة، وذهب إلى ما هو أخص مما سبق ذكره وجاء على ذكر خاصة النمو فقال "ومن شر النفاثات في العقد" إشارة إلى قوة نشوء الجسد و نموه و تغذيته فالجسد نشأ من عقدة حصلت من انعقاد عناصر مختلفة متداعية إلى الانفكاك و النفثات فيها الموجبة لازدياد مقدارها أو نقصها، ثم أشار إلى القوى الحيوانية (الشهوة بقوله " ومن شر حاسد اذا حسد" فان اصل الحسد انما ينبعث من النزاع الحاصل بين القوى الحيوانية (الشهوة) و بين النفس الناطقة (العقل) المدركة لعواقب الأمور وهو النزاع المشار إليه بين آدم وإبليس في بداية الخليقة البشرية، ثم تطرق إلى شيء لا يمكن حسه و لمسه ألا وهو الوسواس فقال "من شر الوسواس الخناس" وهي القوة المتخيلة في الداخل والشخص الموسوس في الخارج فهما المحركان للقوة الشهوانية على خلاف ما يقوله العقل المدرك المتوجه إلى معالي الأخلاق، وقال "الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة و الناس" فالصدر إشارة الى الشهوة ولم يقل القلب حيث انه من مراتب العقل.

لذا لا ملجئ من الله الا اليه
فاستعذ به منه

رياض الشيخ باقر
الحمدلله الذي عرفنا نفسه و جعلها ملجأ من لا ملجأ له.

24/06/2014

السبت، 21 يونيو 2014

أين هي النشأة الأخرى؟

القرآن الكريم جاء بمفاهيم و معاني ملكوتية هي أبعد ما تكون عن التجسد المادي فهو عالم الوجود الذي يوصف بعالم العقول تارة و بعالم الخيال تارة أخرى وما عداه هو عالم الموجود أي العالم الذي انبعث أو فاض به أو تجلى عنه (بغض النظر عن المصطلح الفلسفي) عالم الوجود فظهر وبان به.

وقد شبه بعض الفلاسفة الحالة بالمرآة التي تعكس أصل الصورة أو الفلم النقتف الذي يحمض فتظهر الصورة، إنما صورة من هي التي تنعكس على المرآة و صورة من هي المطبوعة على الورق.

إنها صورتنا التي أحب الله أن تكون، وكما شاء كان، خلقنا وصورنا على شاكلة ما أحب لنا: "و خلقنا الانسان في احسن تقويم".

وحيث أن عقولنا مدركة وتواقة لما هو حسي فما تدركه العين أسرع للفهم ثم ما يدركه السمع واللمس والشم. أما هذا الأثير الموجي الذي خلق ثورة في الاتصالات فقد أخذ وقتا طويلا من البشرية كي تدركه و تستفيد منه.

لذا علينا أن نفهم مدى رأفة الله بنا حين وصف نفسه ووصف عالم الملكوت في قرآنه الكريم بوصف حسي ناسوتي كي يقرّب المعنى للقاصي والداني، ومن ثم يدركها العقل فيتدبر فيها و يترقى في معانيها الملكوتية كي ينسلخ عقله وروحه عن الجسد المادي الذي تقمصته روحه فيعيش عالم المعرفة والرحمة فتكون له جنة في دنياه.

كل ذلك يؤدي إلى أن لا ننقل ما شهدناه وعقلناه بحسنا المادي في الدنيا على عالم غيبي هو خارج عوامل المادة فلا المكان ولا الزمان ينطبقان عليه لأن كليهما من المخلوقات المحدثة التي أحدثها الله عندما تجلى العلي القدير فأحب ان يعرف بخلقه.

وما يصر عليه البعض بأن الكلمات التي تصف نعيم الجنة من سرر و كراسي و فواكهه و عنب ولحم طير و حور عين و نكاح جماعي للحور إنما هي حسية و مادية مصوراً الجنة أنها قصر من قصور هارون الرشيد بكل ما احتواه من مجون وشذوذ جنسي حتى مع الولدان المخلدون والعياذ بالله.

وزعمهم هذا يتطلب شمساً و قمراً و أرضا أو قل انتقال عالم الناسوت (الدنيا) إلى عالم الملكوت (الآخرة) واحتلالها و استبدالها فكأنما نحن في نشأتنا الدنيا لم نتحرك ولم ننتقل، وهذا والله لهو الباطل الأكبر فزعمهم هذا جعل منهم يجسمون الله و يحدونه فأخذوا يفسرون الرجوع إليه والفناء فيه بتفاسير باطلة قاصرة كقصور عقولهم التي سيطرت عليها المادة و محسوساتها، بل هي نشأة أخرى أي مغايرة لنشأة الدنيا.

إنها نشأة اخرى لذلك وصفها المولى عز و جل "انها لا عين رأت ولا إذن سمعت" اي أنها خارج المحسوسات المادية الدنيوية التي ألفها عقلنا.

ويحتج الفلاسفة على اصحاب الرأي المادي المحسوس للآخرة بقولهم، هل يعجز الله أن يجعل الآخرة نشأة أخرى غير نشأتنا هذه، وهل كل ما لا ندركه أو لا نعلمه من علم الله و قدرته غير ممكن وغير موجود بل هو من المستحيلات، و بذلك نقول أن لا محيط لعلم الله و قدرته ويجب أن تتوسع مداركنا العقلية لتواكب ما جاء في القران الحكيم. هذا الكنز المعرفي العظيم الذي لم يغادر كبيرة ولا صغيرة الا أحصاها.

رياض الشيخ باقر

الجمعة، 20 يونيو 2014

رحلة الخلود

الموت هو انسلاخ الروح من الجسد المادي، ويعبر البعض عنه بخلع الروح قميصها الدنيوي وهو رجوع الروح الى بارئها. ففي رحلة البداية قامت الروح برحلتها الأولى لطلب الخلود المتمثل في العبور البرزخي من عالم الملكوت الى علم الناسوت. و الموت ما هو إلا العبور الثاني للروح عبر البرزخ بين العالمين، هذا العبور الذي يخلدها.
فالروح جاءت من عالم الغيب و رجعت إلى عالم الغيب و الشهادة ، فالشهود هو للروح في رجعتها الأبدية و شهودها هو شهود روحي وليس مادي هي مطلعة على ما يجري في عالم الناسوت العالم الحسي المادي الذي غادرته، وذلك بقدر ما يسمح لها الله الباري للاطلاع على ما يجري في عالم الناسوت وذلك بقدر أعمالها الصالحة، وهو ليس شهودا حسياً. كما أن عالم البرزخ هو من عوالم الملكوت غير الحسية، سواء في البرزخ الأول في رحلة هبوط الروح إلى عالم الظلمة أو في البرزخ الثاني في عروج الروح من عالم الظلمة إلى عالم النور.

لذا فالحذر واجب من تلك الأحاديث التي تجسم و تجسد عوالم الملكوت بما فيها عالم البرزخ.


يقول الباري عز و جل في محكم كتابه الكريم:
" كنتم أمواتا فاحييناكم ثم نميتكم ثم نحييكم ثم إلينا ترجعون"

أمواتا: في عالم الغيب
أو ما يعبر البعض عنه بعالم الكنز ، حيث نحن كنز الله الثمين و الغالي.

فأحييناكم: عندما استجاب الشيء إلى قول الله في عالم الامر و انتقل بطوعه و اختياره من عالم الامر الى عالم كن  فيكون وهو عالم التكوين.

ما بين "احييناكم" إلى "ثم نميتكم": هي رحلة الإنسان، أو قل هي رحلة الروح في الدنيا عالم الحس و الشهادة.

ثم نحييكم: هو موت ناسوتي وإحياء ملكوتي في عبور عالم البرزخ.

ثم إلينا ترجعون: هو الغاية و الهدف المأمول و المتمثل بقوله انا لله وانا اليه راجعون.

وفي قوله تعالى "إذا نفخت فيه من روحي" إشارة إلى أن الروح هي روح من بارئها رجعت إلى بارئها في رحلة دخلت فيها الروح عالم الظلمة و خرجت منه إلى عالم النور فهي سعيدة ان رأت هذا النور وهي خائبة إن بقيت في عالم الظلمة.

ومعظم الفلاسفة و العرفانيون سواء المسلمون أو غيرهم ممن يؤمن ان الخلود هو في عالم الملكوت ( بغض النظر عن المسميات ) يرى أنه خلود للروح وأن الروح في عالم الناسوت حبيسة الجسد الملوث لها من حيث أنه من حمأ مسنون، وأن (الماء) الروح عجنت به كي تؤدي دور الخلافة على الارض الذي هو المقام الأعلى للإنسان الذي من أجله سخر الله له ملائكته، فالبتالي هذا القميص ما هو إلا خرقة سوف تهتري و ينتهي الغرض منه وتبقى الروح خالدة.

وقد ذهب بعض علماء المسلمون و بالاخص علماء أهل السنة و بعض علماء الشيعة ممن لا يؤمن بالفلسفة أو بعلم التأويل والبطون التي احتوتها الآيات القرانية الكريمة إلى أن الجسد سوف يُبعث مع الروح بل زادوا على ذلك بأن أعطوا عالم البرزخ الملكوتي درجة حسية ناسوتية بان أجروا عليه عاملي الزمان و المكان وهذا خطأ فادح وقع فيه المجسمة ووقعوا في المحضور بأن قالوا أن معنى "وجوه يومئذ إلى ربها ناظرة" تراه رؤية العين الحسية و العياذ بالله.

يقول الله البارئ عز وجل في الحديث القدسي
"كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف"

هو الحب والعشق، أخي القارئ، الذي غاب عن أدبياتنا ومنهجنا الديني، فلولا حب الله لنا لما خلقنا. هو جل وعلا كان كنزا مخفيا فظهر بآياته من أفلاك ومن شموس و جمال للطبيعة وأعظم آية من تلك الآيات التي ظهر بها هو خليفته الإنسان. نعم، نحن أجل ّوأعظم وأجمل آية من آياته فنحن كنزه وعلمه و خلافاؤه  في هذه الأرض.

بنا عبد، و بنا عرف و بنا أله، لذا نحن نفخه، ونحن خليفته، ونحن مشيئته، والمقام الأسمى للإنسان هو أن فيه استودعت روح الله، والمقام الأسمى أنه خليفته، والمقام الأسمى أن المشيئة والإرادة أمانة في عنقه.

أما ما هب و دب من الروايات فيجب أن تعرض على كتاب الله الكريم ولن يتسنى لنا ذلك إلا أن نفهم القرآن وفهم بطونه وفهم معانية المتماشية مع مقاصده وأجل هذه المقاصد هي خلافة الإنسان لله، لتحقيق رضا الله عبر سلكهم الصراط المستقيم ونجاحهم في تجاوز الابتلائات.

إن معرفة المنظومة الفكرية و العقائدية التي جاء بها القرآن العزيز كونه ذلك الكتاب ( اللوح المحفوظ ) هو الدليل على ما صح من تلك الروايات التي اندس الكثير من الإسرائيليات.

لقد جاءت الروايات التي تعالج أمور الموت والميت والجسد المسجى، حاملة العبرة و الأخلاق الفاضلة بين طياتها فغلب عليها طابع العبرة والموعظة التي ترجو أن تنشر العظة من هذا الموت و ما تعنيه الرحلة القصيرة لهذا الجسد الذي يبدأ بالأذان في الأذن اليمنى و ينتهي بالإقامة في الأذن اليسرى.

وتبقى العظة لمن خلف هذا الجسد الميت في أوج صورها من تسجية و غسل و خرقة كفن و هرولة به من قبل أعز الناس إليه (المتلقين للعبرة) بأن ينزلوه إلى حفرة لو سكنها وهو حي لنازعته روحه و خرجت قبل أوانها. نعم الروح قد تعلم بكل ما يجري على القميص الذي تركته، لكنها تركته في عالم وهي ارتحلت إلى عالم آخر، عالم النشأة الاخرى.

هي جاءت من عالم الغيب، لكنها رجعت إلى عالم الغيب و الشهادة، لذا قلت إنها شاهدة، ولكن الفرق كبير بين شهودها الحسي في عالم الدنيا وبين شهودها في عالم الملكوت، وهو كالفرق بين العالمين.

نعم، الله جلت قدرته، قادر على أن يسوي نفس البنان ويجمع العظام ، وهذه قدرة بسيطة من القدرة العظيمة التي توازي عظمته فأمره بين الكاف و النون في "كن"، ولا بين الكاف والنون بين.

ولكن هل عالم الملكوت عالم حسي و جسماني؟

وهل رجوعنا إليه جسماني والعياذ بالله؟ فإذا قلنا هو كذلك، فقد جسمنا الله وجعلنا له كيفاً وحداً، وحددناه و صورناه، وهو الذي لا تبلغ العقول كنهه، وقد قلت سابقا أنه أمر تحيرت فيه العقول. أمر مهم يجب ان لا ننساه في تأملنا لهذا القرآن العظيم الجليل القدر، هو أنه كلام ملكوتي بصيغ حسية فهو نقل لنا المعاني والمراتب الملكوتية بأسلوب حسي يتماشى مع فكرنا و عقلنا و رؤيتنا الإدراكية الحسية كي نعقلها فنتدبر فيها ونعيش مراتب الرقي في فهمها كي يتسنى لنا أن نعيش ونتذوق عالم الملكوت حينما ننعتق من فكرنا الحسي كي تعرج روحنا وهي في ناسوتها إلى الملكوت فتكون لنا جنتنا التي سوف ننالها في عروجنا إلى الملكوت.

من اين؟
في اين؟
الى اين؟

ثلاثة أسئلة جوهرية كونية تحوم حولها كل البشرية ويحير فيها كبار العلماء، حتى أصبحت الشغل الشاغل للمفكرين والفلاسفة. فكتبت تنظيرات وحوارات منذ أن وعى الانسان وجوده على هذا الكوكب. ومن خلال الإجابة على السؤال الأول يمكن الإجابة على السؤال الثاني و الثالث.

وقد نحى المفكرون و الفلاسفة إلى منحيين أحدهما مادي و الاخر روحي. فالماديون هم المؤمنون بوجود هذا الكون صدفة أي في وقت اللا وقت وفي مكان اللا مكان وبأن المادة هي من خلقت الكون و تكون منها حيث تصوروا وجودها في اللا زمان واللا مكان (لا اعلم كيف) وحدث انفجار عظيم كان شرارة التكوين.

وقد قاد هذا الطرح المادي الذي يستبعد وجود قدرة حكيمة قادرة و رحيمة هي الخالقة لهذا الكون إلى حيرة أكبر وأشمل عندما نظروا إلى عظمة هذا الكون ودقة صنعه ، حيث يخلو هذا الطرح من إجابات على أسئلة مهمة مثل:
من أوجد هذه المواد؟
كيف اتحدت و عملت الانفجار؟
ألا يتطلب ذلك وقتا محددا؟
ألا يتطلب ذلك مكان محددا؟
أم أن الصدفة هي حاكمة لكل هذه الأسئلة ؟

وهل هي صدفة حكيمة قادرة ومنظمة أم هي صدفة عشوائية؟ وإن كانت صدفة عشوائية فهل العشوائية تخلق هذا الكون المنظم الدقيق و المتناهي في الدقة و الإبداع؟ وفي كل ما يمس الكون من حاجة لتنظيم وجوده بل ووجود كل من فيه و يعيش عليه،
هي أسئلة قادت كثير من المنظرين لهذا الطرح المادي، أن يتخلوا عنه مثل كانط و نيتشه و القائمة تطول.


أطلق القرآن الحكيم مصطلحان هما الروح و النفس على أمر واحد، فما الفرق؟

كثيرا ما استخدم القرآن العزيز كلمة الروح في كلامه عن عالم الملكوت و عوالمه مثل عالم الغيب و عالم التكوين وهذه إشارة إلى مكانة الروح وعلو شأنها كونها نفخ من روح الله. أما كلمة نفس فهي الروح في تلبسها عالم الحس و الشهادة، وهو مسير الروح في رحلتها الدنيوية فالنفس إشارة الى النوازع و الغرائز البشرية المتحكمة من قبل حاجات البدن للنمو و البقاء وحفظه من العوامل التي تهدده، وهي نوازع و غرائز هي تاركته حال خروج الروح من الجسد الذي تلبسته لتعود الروح، إما ملوثة بما أساءت أو جميلة بما احسنت.

أما اصحاب الاتجاه الثاني وأعني به المؤمنون بوجود قدرة حكيمة، عزيزة، منظمة، مقتدرة، رحيمة، خالقة لهذا الكون ومسببة له، فهم يوزعون لهذه القدرة خلق هذا الكون بكل ما فيه من مجرات. وقد اختلف هؤلاء في تسميتها ووصفها كما اختلفوا في الوسيلة المسببة لهذا الخلق هل هو فيض أم علة و معلول أم تجلي. ومهما اختلفت التسميات أو الوسائل الشارحة، فإنها تشير إلى أصل واحد وإلى مسبب واحد.

فأصحاب نظرية الفيض اتكلوا على نظرية الصدور من الواحد الذي لا يصدر منه الا واحد. وأصحاب نظرية العلة و المعلول قاموا بقياسها على ما يحدث في عالم التكوين من ارتباط العناصر و الأشياء بعضها ببعض كعلة الشمس بنمو النبات وعلة القمر بالمد و الجزر. أما اصحاب نظرية التجلي فقد اعتمدوا على نظرية الواحد والكثرة التي تتجلى بها هذه القدرة وهذه العظمة.

وقد انطلق كلا الفريقان في تعريف عالم الموجودات الكائنة حسب رؤيته الاولى. فأصحاب نظرية الصدفة جعلوا من الانسان إله هذا الكون وانطلق الماديون في تفسير اختلاف ألوان البشر زاعمين تطوره البيولوجي من عفن ثم إلى دودة ثم إلى حيوان بهيمي يدب على الارض ثم إلى قرد ثم إلى إنسان مصنفين البشر على حسب تفتح لون بشرته و مقياس فكه و جمجمته حتى أصبح الرجل الأبيض يتغنى بعرقه الراقي و سيادته على الأجناس البشرية الأخرى فأجاز لنفسه قتل الشعوب و استبعادها و نهب ثرواتها.

أما المؤمنون بالخالق المدبر لهذا الكون فوقعوا بخطيئة كبرى حيث جعلوا من الانسان مخلوقا كسائر المخلوقات الأخرى ولم يعطوه المكانة التي أعطاها أياه خالقة الا وهي مكانة الخلافة التي يدور محور القران العزيز عليها.

إن ٍخلافة الإنسان لله على هذه الارض هي خلافة تكوينية بموجب صريح القرآن "إني جاعل في الارض خليفة" ولا يقصد بالخلافة هو الإمامة، فالامامة هي الريادة والقيادة والأسوة والقدوة وهي محصورة بموجب الإخلاص و الاستخلاص، أما الخلافة فهي خلافة الكل (الأدنى) للواحد (الأعلى) كي تعمر الارض و تكتشف أسرار الله المستودعة في هذا الكون فيعرف بها الله فيعبد حق عبادته.

لقد جاءت الثورة العلمية بعد اكتشاف الذرة تؤكد ما جاء به القرآن بأن هذه الكائنات الجامدة هي حية ومتحركة في ذاتها. فالذرة المكونة للجزيء فيها قطب بروتون ويدور  حوله إلكترون وهذه النواة في صغرها المتناهي شبيهة بالكون الهائل، ومن هنا تم التعرف على سر خواص المواد الكامنة فيها منذ خلقها، كون هذه الجمادات التي نراها ساكنة رؤية العين المجردة تتحرك وتجري أو ما أطلق عليه القرآن أنها كائنات مسبحة ولها روح ولكن لا نعرف ذلك بالعين المجردة.

لقد بنى الفكر الغربي نظرياته في الخلق والخلافة على أساس عرقي مغلفة باسم العلم و البحث العلمي ملغياً وجود قدرة خالقة و مدبرة لهذا الكون كي يصبح عرقه و جنسه الآري هو أرقى الأجناس و برر أعماله لعدم وجود إله لهذا الكون فقد نصب الرجل الأبيض نفسه إلهً لهذا الكون. من هنا نفهم ترديد مصطلح "الذات المتعالية"، هل هي ذات خاصة بالقدرة الخالقة لهذا الكون أم هي خاصة بأنقى عروق البشر (البيض) الذي خطف هذا المسمى عندما تحكمت أساطيله الحربية بمقدرات الشعوب وساعده في ذلك مفكروه الذين أنشده الكثير من مثقفينا بنظرياتهم العنصرية التي بررت للعسكريين إقامة المذابح في الشعوب الأخرى واستعبادها واستعمارها ونهب ثرواتها.

إن الإيمان بالمعاد من ضروريات الدين بل هو فطري فمنذ أن استجابت الروح لقول الباري في عالم الأمر وأصبحت في عالم التكون (كن فيكون) فهي راجعة الى الله لا محالة. لأن الدنيا دار مستودع للروح وليست دار مستقر لها، والله يتوفى الأنفس حين موتها
كما أن الله يصف الآخرة بأنها نشأة أخرى، بمعنى أنها مخالفة ومغايرة لنشأة الدنيا، و الإنسان قد صنع جسده من أديم الأرض التي تحكمها سنن و عوامل الطبيعة المادية البحتة، و انبعاث الروح بهذا الجسد المطبوع على طبيعة المادة يلزم أن يتجسد عالم الغيب والشهادة لأن الجسد يلزمه مكان وزمان ونمو وتغير في طبيعته وعوامل بقائه. وهذا يستتبع، بالضرورة أن يكون لله حد.

كما أن القرآن يؤكد على مبدأ الرجوع إلى الله والفناء فيه (الفناء غير الهلاك) "كل من عليها فان" بمعنى الذوبان في ذات الله من حيث أننا في الأصل نفخ من روحه. والقول بـ"إنا لله وإنا إليه راجعون" يؤكد أصالة هذا المعنى من حيث كون الرجوع فناء في الله كرجوع النفخ لمصدره. والقرآن العزيز في مجمله ملكوتي المعنى، ناسوتي الخطاب، والأمثلة على ذلك كثير كقوله "يوم يأتي ربك ..." و قوله "يد الله فوق أيديهم" وقوله بالسمع والبصر ونسبة النفس إلى الله.
والاختلاف في كون المعاد روحاني أم جسماني كالاختلاف في معراجه صلى الله عليه واله و سلم هل عرج إلى السماء بروحه أم بجسده ، والذين احتجوا بالعروج الروحي هو استحالة حد الله عز وجل عما يقولون علواً كبيراً

أخوكم
رياض الشيخ باقر
20/06/2014

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

لن تسبى زينب مرّة أخرى، ولن يرمى الرضيع ولن يقتل الأكبر

بعض الكتاب ممن ملك قدرة تزيين الباطل أو ممن يطبّع المحال بدل أن يبقيه في نطاق الفرض، يحاول تشبيه الضحية بالجاني فلا الحسين هو يزيد ولن يكون يزيد بسمو الحسين. إن هي إلا أوصاف يطلقها البعض لتزوير التاريخ و مجريات الأحداث

أوصاف أبعد ماتكون عن التشييع، والمسمى دون الوصف يفقد المسمى معناه وأصله.

ما أحب الشيعة الإمام علي وولده إلا لسمو خلقهم فتطبعوا على أخلاق من أحبوا واقتدوا بهم والتاريخ والواقع الحالي يشهد لهم. ولا ضير من أضغاث أحلام و تمنيات من هنا أو هناك ممن أقلامهم تزين الباطل وتمجد الطغاة، والعراق ليس بحاجة لمن وضع كرامته تحت الصهاينة ونسي عظمة النيل والأهرامات أو الحفاة العراة من بدو الأعراب الذين امتلئت جيوبهم بالبترودولار في غفلة من الزمن.

هي سنة الحياة و دورتها وكان يوماً من أيام الله أن خرجت الرايات من الشرق من أحفاد سلمان وبالأمس القريب نفض بردى ما تلعق به من أوساخ العثمانية الجديدة واليوم تنبعث دماء الحسين التي سفكت على أرض كربلاء حية فقد احتفظت بها مياه الفرات طرية منعشة لمن استنشق كرامتها من أبناء العراق الغيارى. وكما لم تسبى زينب مرّة أخرى فلن يقتل الرضيع ولن يقتل علي الأكبر مرّة اخرى.

رياض الشيخ باقر

الخميس، 29 مايو 2014

الإسرائيليات وبنو أمية، دعوة بعضها من بعض

تثار بين الحين والآخر تساؤلات مستنكرة لأسماء حملها أولياء صالحون هم في مقام الأعلام والرموز في التراث الاسلامي، لكنها أسماء تحمل فيها دلائل شركية واضحة. وأخص هنا بذكر آباء وأجداد رسولنا الأكرم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وذلك خلال الفترة المتأخرة في الجاهلية التي سبقت الاسلام.

ومن خلال مراجعة هذه الأسماء يتبين أن هذه ألقاباً وليست أسماء، وهذا معروف لمن يتقصى البحث. والاعتقاد بأنها ألقاب ظهرت مؤخراً، بعد أن حرّفت الحكايات والمسميات لكي يطمس بها تاريخ ناصع. فكيف يصح لعبدالمطلب واسمه الحقيقي زيد وهو زعيم الدعوة الحنيفية التي تعبد الله الواحد الأحد على الملة الإبراهيمية أن يسمي أبنائه بتلك الأسماء البعيدة عن ملته و اعتقاده؟ وكيف يصح لكافل النبي أن يكون اسمه عبد مناف في حين أن اسمه الحقيقي هو عمران و لقبه ابوطالب؟

هذا ما تناولناه في بحث الإسرائيليات في تبيان العلاقة القذرة التي جمعت اليهود و بني أمية حين تحالف متهودة الجزيرة العربية مع السلطة الأموية حيث تولى الحبر اليمني وهب بن منبه دفة ادارة البحث و المراجعة في تدوين وتسجيل التاريخ العربي منذ أن مكنه معاوية بن ابي سفيان ماديا وإداريا و معنوياً.

وعلى ذلك فقس،

رياض الشيخ باقر
29/05/2014

الثلاثاء، 20 مايو 2014

تساؤلات عن رجال الرواية...

كيف يعرف رجل الدين مقدار ما فعلته الروايات الإسرائيلية ما لم يعرضها على القرآن الكريم؟ وهل يكفي الاستدلال بالسند وصحة المتن لغويا لكي يكتفى بصحة الرواية؟ وهل يصح تقديم كتب الرواية التي لا يقطع بصحتها، على القرآن الكريم الذي هو قطعي الثبوت، لا يشك بصحته؟

ماذا نقول في علم الرجال (مئة وخمسون صحابي مختلق) و (رجال الكشي) و (رجال الخوئي) التي أبعدت الرواة وشكت في السند ولا تزال أحاديثهم لم تستبعد من كتبنا؟

ما نقول في الكم الهائل من المروايات صحيحة السند والمتن من ناحية اللغة المنسوبة لعبدالله بن العباس (حبر الأئمة) وهو الذي قضى سنين عمره قبل وفاة رسول الله ص مع والده العباس في مكة ولم يسكن المدينة إلا بعد ذلك، وعمره لا يتجاوز في أحسن الأحوال ستة عشر سنة؟

إن من استدل بأن الله جسد، (جل وعلا عمّا يقولون جلال عظيماً) وأنه على شكل فتى أمرد، ولم يدعوا جارحة إلا ونسبوها إليه، عز عن قولهم، فهذا ما جاءت به كتبهم الصحيحة في ظنهم. هل نبرّىء أنفسنا ونعطيها العذر ولا نعطي ذلك للآخر؟ أم أن هناك ميزان؟

إن القرآن حكمه جامع لكل من آمن به ووحدة لهم وقد وسعه قلب رسولنا في كل تجلياته و مراتبه الملكوتية "فيه تبيان لكل شيء". والسنة الروائية سواء ما جاء على لسان رسولنا الأكرم أو أهل بيته عليهم السلام، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، هي شارحة لبطون القرآن ولا تتناقض معه ولا تخالفه بأي شاردة أو واردة، فلا ننخدع بما وضعته بني امية وأحلافهم من بني اليهود من خرافات وأساطير مغزاها عدم التدبر والتعقل في القرآن ومنعه عنا كي لا نجعله النبراس المضيء و الحكم النهائي.

من هنا نقول كيف يستطيع رجل الدين المقارنة بين ما بين يديه من تراث انتقل إليه عبر نفق معتم وطويل لمئات السنين، وبين مقاصد القرآن الكريم؟ وهل مقاصد القرآن يتم تطبيقها؟ وهل واقعنا الحالي نموذج لتطبيقه؟ وهل التعبد بالظن مبرئ للذمة حتى لو كان هذا الظن يجعل من الله فتى أمرد؟

رياض الشيخ باقر
20/05/2014

ليست الحكمة ضالة المؤمن!!!

وليس العنوان به خطأ. وعندي أسئلة  للصارخين من حماة الهيكل وحراسه، والذين نصبوا انفسهم وكلاء عن الله:
- هل تدرس هذه المواد في حوزاتنا العلمية؟:
علوم التاريخ
علوم الجغرافيا والاجتماع السياسي
علوم الاجتماع
علوم النفس
علوم الفلسفة
علوم الكلام
العلوم المالية والإدارية
علوم القران ( وما أوسعها )

وغيرها من العلوم المستحدثة في عصر النهضة العلمية
- هل يفصل علم الفقه عن هذه العلوم؟
- هل يمكن لشخص واحد ان يلم بكل هذه العلوم؟

إيران الاسلام ودولة الفقيه الولي تعيش نهضة علمية على جميع المستويات و قامت وما زالت تقوم بتحديث العلوم والمناهج في الحوزات وإدخال هذه العلوم كمواد أساسية في التحصيل العلمي ومن ثم التوجه للتخصص في إحداها.

وكما أن رأس قمة الهرم الفقهي والاداري (الولي الفقيه) ومن خلال نظرة ثاقبة وحكيمة يجري اندماج بين الحوزة والجامعات ولاستفادة من المتخصصين في بعض العلوم التي افتقرت لها حوزاتنا لسنين، فإنه لا يخفى عليكم ظهور طبقة مثقفة و مفكرة مؤمنة من الجامعات، توجهت لإلقاء الندوات و المحاضرات في شتى المحافل العلمية في جميع أنحاء إيران مما خلق انسجاما بين رجل الدين و المثقف، فما بال حماة الهيكل عندنا مصروعين ومرتجفين كلما كتب مثقفونا مقالا او خاطرة.

لماذا لا يتوجهون لما كتب و يتركون الكاتب ، أين قولنا أن الحكمة ضالة المؤمن؟

رياض الشيخ باقر
20/05/2014

الأحد، 18 مايو 2014

المسلّمة المقدسة وفهمها الفهم الصحيح


لدى الحديث حول المسلمة المقدسة لدينا، وبالخصوص في موضوع المعجزات التي يطول الشرح في تفنيدها، وهو أمر صعب مستصعب. والقصد من طرح المسلمة المقدسة هو التفكر و التأمل فيها وفي مسببات أحداثها وليس الإيمان بما تقول او اتهام الاخر بما قد يدليه عنها، فنحن -من أنكر التسليم للمقدس- هم الذين يقعون في موقع الاتهام لأننا أنكرنا بعض مسلمات التراث الذي أضيف عليها القداسة.

كما أود أن أتطرق إلى مفهوم المعنى الظاهر وما يستفاد من المدلول الظاهري لكلمات الآيات الكريمة مقابل المعنى الباطن المكنون في الآيات أو ما اصطلح عليه بالتأويل أو العرفان الفلسفي.

وهذا يجرنا إلى بحوث جليلة و مهمة مثل البحث في عالم الملكوت و عوالمه غير الحسية ( الما ورائية) أو ما اصطلح عليه بعالم الخيال تارة و عالم العقول تارة أخرى، وما بينهما من عوالم بينها و بين العالم المادي، عالم الدنيا برازخ فعالمنا ( عالم الطبيعة ) هو عالم حسي وشهودي ، والقارئ الفاضل قد يكون ممن هم أعرف بهذا المحيط.

هذه المقدمة مفتاح لمعرفة الوحي أي معرفة الرسول و الرسالة فهي مرسلة من عالم الملكوت إلى عالم الناسوت، معانٍ و مفاهيم. وقد عبّر العلماء عنها بالبطون المتراكمة كالموج يركب بعضه بعضا، بلغة حسية اختيرت فيها اللغة العربية لما لها من صيغ جمالية بيانية و مجازات تستوعب هذه البطون من المعاني التي لا يستوعبها إلا قلب رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه و اله و سلم. ففي القرآن "فيه تبيان لكل شيء" و "اليوم أكملت لكم دينكم" فالإيمان بالقرآن لا يتجزأ ظاهره عن باطنه ، و يتحقق الإسلام بالإيمان بظاهر الآيات رحمة من الله و تخفيفاً على العباد، وهذا التصديق بظاهر معنى الآيات لا يعني تجزئة معانيه وفصل الآيات عن بعضها، وإلا ما نقول في قوله "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" هنا تقول الآية "وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون" و قوله "ان الله يأمر بالعدل والقسط" الآية وغيرها من الآيات التي تعتبر في مجموعاتها وحدات معانٍ و مفاهيم، وإلا جاز لنا أن نجسد الله جل وعلا عن ذلك علوا كبيراً فقد يقول القائل:
يسمع > له آذان
يرى > له أعين
قال > له ملكة و جهاز الكلام

بل ذهب الوهابية بأن الله له مقعد حيث له كرسي و له يد فقالوا بما قالته الإسرائيليات أن الله على شكل فتى أمرد.

أما عن إعجاز الانبياء، عزيزي القارئ فلأضرب لجنابك الكريم ثلاثة أمثلة جوهرية يتكرر ذكرها في كتاب الله العزيز سوف استعرضها على عجالة كي لا أطيل وذلك حسب تسلسلها الزمني :

 أولا :- الني نوح عليه السلام:

عندما نقول ان نوح عليه السلام:
- قومه لم يطيعوه
- دعى على قومه
- ظل يصنع السفينة
- عاقبهم الله فأرسل عليهم الطوفان فأماتهم جميعا
- عاش الف سنة
هذا ما جاءت به أسفار التوراة

فذلك يعني قولنا ضمنياً بأن:

- صنع الله في البشر غير كامل
- نبي الله نوح فشل في دعوته
- الله جل وعلا انفعالي و انتقامي
- الله المنتقم أفنى البشرية كلها لعدم سماعهم لرسولهً ولم يعطهم فرصة ثانية فأين الله الذي وصف نفسه بانه رحمان رحيم
- هذا يعني أن نوح ارسل نقمة ولم يرسل رحمة
- الله من على نوح بطول العمر ولم يمنن على أفضل خلقه محمد ص بذلك، فهذه ميزة تفضيلية عليه

ثانيا :- فيما يخص موسى عليه السلام

- العصا تحولت الى أفعى و أرهبت القوم
- العصا أكلت حبال ( الأفاعي ) القوم
- العصا ضربت الحجر فانفلقت أعين الماء
- العصا  شقت البحر فانفلق كالطود

لقد شرحت أسفار اليهود ذلك بالتفصيل الذي لا يرجى بعده تأويل خلاف القران الكريم، الذي جعل من الباب مفتوحا للتدبر و التفكر.

ومن التفكر ما يقال عن حاجة موسى بأن يفلق البحر وهو وشعبه يسكن شمال مصر ( منطقة الدلتا) وقصده الارض المقدسة فلسطين (كذبة توراتية) و الكل يعلم أن ما بين خليج السويس (كان يسمى قديما بحر العرب) والبحر المتوسط برية شاسعة هي صحراء سيناء وليس بحراً، حيث ان قناة السويس لم تحفر الا في نهاية القرن التاسع عشر، اي ان طريق البرية اقرب و اقصر له للوصول الى سيناء والقرآن الكريم يؤكد ان العبور هو للبحر فيما يلي مصر كي لا يقال أن العبور كان في اليم أو النهر.

القرآن الكريم يقول "مجمع البحرين" و العبور من خليج السويس بحر واحد ولا يجوز ان يطلق عليه بحرين.

ان الاستخدام المتكرر للعصا من قبل موسى حسب رؤيتنا لها أنها عصا من الخشب المتعارف عليه ينسب العجز الكلي لموسى وعدم قدرته على التصدي للمهام الموكلة إليه، بل هو يقف موقف العاجز إلى أن يأمره الله باستخدام العصا.

إن ذلك يدعو للقول بأن من قام بالمهمة هي العصا و ليس موسى، أي أن اختياره من قبل الله للرسالة محل شك و حيرة.

ثالثا :- عيسى عليه السلام

- بدون اب
- تكلم في المهد
- أحيا الموتى
- خلق الطير من الطين

 اذا قلنا بظاهر الآيات الواردة في المزايا الخاصة بعيسى فإننا ننسب حالة ملكوتية إلهية لعيسى فكل ما أوردت هي من خاصية أفعال الله وصفاته فلا فرق في هذه الحالة بين رؤيتنا لعيسى و رؤية المسيحية التي جعلته ابن الله ، فالقصد واحد وان اختلفت المسميات.

كما أن هذه الامتيازات الممنوحة لعيسى ( بإذن الله كما يحلو للبعض ) هي امتيازات تفوق ما لحبيبنا المصطفى محمد ص وهذا خلاف العقل و الإيمان، من هنا لابد من تأويل كل ذلك حيث أشار القرآن الكريم أن الاعجاز الكامن في عيسى هو في الكلمة التي ألقاها على مريم حيث قال القران "ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب فقال له كن فيكون" وتمثيل القرآن بين آدم و بين عيسى القصد منه الخلق الاول الذي غاب عن أذهان البشر حيث لم يتكرر خلاف الظواهر الكونية الاخرى التي تكررت كظاهرة الليل و النهار ولكن كون مريم عليها السلام من عالم الناسوت الجاري على السنن تلزم ان تتمثل الكلمة ( الروح ) بشرا و سويا وهذا ما أخاف مريم وقالت بعدم مسها من قبل احد من البشر ، ولكن الإصرار على نموذج ادم كي لا تنسى البشرية ذلك حمل مريم عبء الشبهة ، و انشغلنا بما لعيسى من خوارق (إلهية).

إن التفسير الظاهري للقران الكريم لا يكتمل الا بفهم المنظومة الفكرية للقران و معرفة السنن الكونية و معرفة طبيعة الوحي الذي هو طبع في القلب عند تجرد الروح من عالم الناسوت و تعلقها بعالم الملكوت في رحلة تدرجها و معراجعها لهذا العالم.

إن ما يسوقه البعض من دلالاتٍ لظاهر "ظاهرة" الإعجاز المادي للبشر مهما علت مكانتهم الروحية و "الملكوتية" طالما هم في عالم الناسوت كما وصفهم القرآن الكريم بأنهم عباد مكرمون وعباد صالحون أي أن السنن جارية عليهم كما تجري على بقية الخلق "إنك ميت وإنهم ميتون" ، "أفإن مت أفهم الخالدون". ولا ينسب التمييز من الله بين عباده بعد أن قال "يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه". هذا كله منفي، فالله الرحمن الرحيم ما ارسل الرسل إلا رحمة و محبة لعباده و هو متسبب في رحمتهم لا في عذابهم و هو أعلم حيث يضع رسالته و نوح وموسى من أولي العزم الذين امتدحهم الله في مواضع كثيرة لصبرهم و مثابرتهم ورأفتهم بقومهم ، كما أكد القران مرارا على بشرية الأنبياء و الرسل و معايشتهم لقومهم و قيامهم بأعمال الفرد البشري العادي كي يقتدى بهم ليكونوا أسوة حسنة ، و استدلال القرآن بهم كي يكونوا عبرة و أسوة لنا في فهم جهاد وصبر رسول الله الذي بذله في تبليغ كلمة الله و كتمه ولم يخبر به قربة لله.

 لكم شكري في صبرهم
تحية خالصة من القلب

رياض الشيخ باقر

18/05/2014

السبت، 17 مايو 2014

جملة القول في بعض معاجز الأنبياء

في ردي على تعليق الأستاذ عبدالرسول البحراني لمداخلتي الجانبية حول معاجز الانبياء،

لقد تحدثتُ انا شخصيا عما ذكرته بمعجزات الانبياء و أود ذكر التالي:

١- لقد أكد القرآن الكريم على بشرية الأنبياء وأنهم عباد مخلصون، ومعنى العبودية هي إجراء السنن والأنظمة والقوانين الكونية المادية والمحسوسة عليهم.
٢- لقد تعرضت الآيات الكريمة لطلب المشركين من الرسول الأكرم أن يأتي لهم بمعجز غير القرآن فكان رده أن كيف لي بذلك وأنا بشر. حتى أنهم طلبوا منه أن ينزل قرطاسا من السماء يلمسوه بأيديهم، والقرطاس شيء تافه مقابل ما نسمع و نقرأ من معجزات تنسب له ولأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.
٣- جل علماء العرفان و الفلسفة الاسلامية ممن تبحروا في علوم تأويل القرآن يقولون بتأويل ظاهر كلمات الآيات التي يفهم منها معاجز مادية أتى بها الانبياء، ومنها نرجح ما يلي:
   أ- أن المقصود بسفينة نوح هي الهيكل التنظيمي للدعوة.
   ب- أربعة من الطير المشار إليهم في دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام المقصود بها أمر الله له بنشر دعوته في الأقاليم الأربعة التي تشكل العالم القديم في زمانه قبل ٤٠٠٠ ق م.
   ج- تأويل الأحداث التي وردت في سورة أهل الكهف، فهي عندهم ترميز في ترميز.
   د- تأويل الأحداث في سورة يوسف التي في جوهرها حركة نزوح قبائل عربية إلى مصر وصراع تبادل تجاري وتحكم على طرق التجارة.
   هـ- المقصود بالعصا التي امتلكها موسى عليه السلام هي أنواع القوة التي استخدمها في كفاحه ضد فرعون.
   ز- العبد الصالح ( الخضر) هو الإمام من ولد اسماعيل وكان ذلك ١٥٠٠ ق م.
   ح- الأحداث التي اطلع عليها موسى و كتم أسرارها الامام من ولد اسماعيل هي إشارة إلى الصراع الجاري بين الإمبراطوريات الحاكمة في المنطقة.
   ط- يرى البعض أن ما أشارت إليه بعض الآيات الخاصة بنبي الله عيسى عليه السلام هي إشارات على اكتمال أحرف اللغة السريانية و تحولها الى اللغة العربية (أصل اللغة العربية هو الآرامية ثم تطورت الى اللغة السريانية (السورية) ثم في طورها الأخير اللغة العربية) التي أطرها ونظمها القرآن الكريم.

يجزم الكثير ممن تبحر في إشارات القرآن و رموزه بأن تاريخ البشرية منذ سبعة آلاف سنة سبقت مجيء رسولنا الأكرم أي منذ بداية نبوة ادريس ( ادم الدور) عليه السلام وقد غطى القران الكريم هذه الأحداث من عدة زوايا عقدية و اجتماعية و سياسية و اقتصادية وتكلم عن الصراعات و المعتقدات الخرافية و الشركية، كما أشار إلى شخوص كل مرحلة إن اقتضت الحاجة بشكل مباشر او بشكل غير مباشر بالإشارة إلى أعمالهم. وهنا يجب الاستفادة من هذا الكنز العظيم الذي بأيدينا بأن نتدبره و نجول فيه بعقولنا و فكرنا وألّا نقتله بالخرافة و الأسطورة.

ولكم جميعا خالص التحية
اخوكم

رياض الشيخ باقر
 17/05/2014

الجمعة، 9 مايو 2014

الخال المرحوم عبدالحميد بن احمد بن عبدالله بوخمسين

وجه من وجوه الرقة الانسانية و العطف والحنان الكامن الصامت الذي لا يعبر بالكلمات وإنما بالأفعال. وحتى تلك الأفعال فهي في جلها صامتة خافية بعيدة عن الأضواء وغائبة عن معرفة أقرب الأقربين. فمن عاش يتم الأم في الصغر ثم يتيم الأب و اعتصرته الحياة بقسوتها وكابد مشقتها ليس كمن ذاق رغدها وغمس يده في ملذاتها تحت الشهرة والأضواء. وهم وإن كانوا الأقربون إليه، إلا أنه لم يمد يده إليهم يوما لطلب شيئا منهم، ولو كان طلبه حقاً من حقوقه. حتى عادت نفسه تتوجس من كل دنو لأقرب الأقربين  قد يخدش إنسانيته و كبريائها.

لطالما تأملت ذاك السائح في بحر المعرفة، فهو بالكاد عرف الكتابة وعيناه أضناها غرس الإبرة ومخيطها، ومع ذلك كان يقرأ أمهات كتب الفلسفة والفكر ولا يجادل أحد في فكره أو معتقده فعنده أن ذلك من الخدش بحرمته الإنسانية التي عاش من أجل قدسيتها وكرامتها، فالفكر الحر عنده مملكة تخص كل فرد منا وهي جزء من كيانه.

لم أره إلا كريماً سخياً مع قلة الفاقة وعوزها، نعم كان ابو سهير رمزا للعفاف والكفاف والكرم. الكرم ليس بالكثرة. إنه بما تجود به النفس وهي في أمس الحاجة إليه. والكفاف هو ما قرّت به النفس وآنست بما عندها. أما العفاف فهو أن لا يسأل، حتى من أقرب المحبين إليه، حتى يخيل إليك أن فجوة ومسافة بعيدة بينك وبينه. بل إن صمتاً و جفاءً غير حقيقيين تجعل من اللحظة التي تعيشها معه في حيرة من التناقض بينه و بين مظاهر النفاق والزهو الكاذب لمجتمع قيمته في البكاء على أطلال كتب صفراء يعقبها وليمة دسمة و بوسة "خشوم".

لذا كان خالي عبدالحميد رحمه الله يطير بإنسانيته بعيداً عن هذا المجتمع تاركاً فيه أربع زهرات تفوح بالعطر و الرقي والأخلاق والكمال، إلى جانب الجمال الذي وهبه لهن.

لك مني كل الشكر و الامتنان أن وهبتني البكر من زهراتك الأربع ، سهير أيتها الزهرة الفواحة بعطر والدها و جمال خلقه وإنسانيته، فهي وهن حسنة دائمة طالما ظل عقبك يتناسل منهن زهورا ورياحين وأشجارا طيبة ونخيل تعطي أكلها كل حين.

سهير الحبيبة، التي بعطر روح والدها تفوح، لك العزاء ولتلك الروح التي تسامت في العلا الرحمة والرضوان الخالد في فسيح الجنان

مع حبي لك ولروح خالي

رياض
09/05/2014

الأحد، 27 أبريل 2014

هكذا كانت نخيل الأحساء

جمال و تنوع الثمار والمياه العذبة والمهم اليد التي بارك الله فيها و أنتجت و أعطت.

هكذا كتبت بعد أن شاكستني ابنتي ببعض الكلمات المازحة على صورة مزارع من تلك الأرض الطيبة.

إبنتي العزيزة،

مساء الخيرات والنخيل الباسقات.

يقول الشاعر :
كُن كَالنَخْلِ عَن الأَحقَادِ مُرتَفِعَاً    يُرْمَى بِحَجَرٍ فَيَرمِي أَطيَبَ الثَمَرِ

تحت النخيل زرع الأحسائيون أنواع الشجر: موز، تين، رمان، توت، خوخ، يوسفي، برتقال، منقا

كل هذا راح لأننا لم نحافظ عليه، باختصار احنا شعب ما يستاهل أرضه! أحسن رز كان يزرع بالحساء إضافة إلى القمح والشعير والسمسم و الهندباء.

كانت الاحساء تعيش الاكتفاء الذاتي في غذائها و كانت تصدر إلى جميع مناطق الجزيرة العربية. وكانت الحرف اليدوية عامرة
بجميع أنواع الأبواب و الشبابيك وأنواع الأثاث، وأنواع السلال و الأقفاص. والمنتجات المعدنية، خصوصا الأدوات التي تدخل في الزراعة و البناء و عربات النق. ودباغة الجلود وصناعة الحصر والمداد (بسط تصنع من أعواد الحشيش). وحرفة تشييد أكواخ السعف و الخوص و أقلام الحشيش

اشتهرت الأحساء بتربية الأبقار والخيول والحمير ( الحمار الحساوي).

كانت الاحساء حاظرة أدبية وكانت إقليم ذو أهمية كبرى من حيث حدودها الجغرافية الممتدة من جنوب كاظمة (بر البصرة الجنوبي) إلى مضيق هرمز حيث كانت حضارة البابليين والآشوريين  وكان عاصمة لإقليم دلمون ( البحرين حاليا ) او جزيرة تاروت (عشتاروت) او جواثا (ما بين قريتي العمران و البطالية) وقد اشتهر منها رجالات من قبيلة بني عبد القيس التي يرجع أصولها إلى ذرية نبي الله ابراهيم وذلك ٤٠٠٠ ق م حيث ظلت هذه القبيلة تعبد الله على الملة الإبراهيمية السمحاء (الحنيفية) إلى أن بعث نبي الهدى و الرحمة محمد ص.

أبوك المحب
رياض
27/04/2014

الأحد، 23 فبراير 2014

رأي في التاريخ: الإمام / النضر بن نزار بن معد بن عدنان

في سنة 333 قبل الميلاد طلب امام زمانه النضر بن نزار بن معد بن عدنان ( قريش الأكبر ) سلام الله على نبينا و عليهم اجمعين من الحكيم الأغريقي ارسطوطاليس ان يرسل الجيش الأغريقي الذي قام بتشيده الأمير فيلب الثاني اب القائد الاسكندر المقدوني لمساعدة الجيوش العربية التي قام النضر باعدادها مع القبائل العربية للتخلص من احتلال الدولة الأخمينية الفارسية ، و بسبب اعادة اكاسرتها الديانة الوثنية الى دولتهم و حاولوا بسط هذه الديانة على المناطق العربية التي ما زالت على الديانة التوحيدية الأبراهيمية عبر قوة الإحتلال ، و قد استجاب ارسطوطاليس لطلب النضر بن نزار لما بينهما من علاقة محبة و ود و احترام ، فارسل جيوش الأغريق بقيادة الاسكندر المقدوني و قاموا بمساعدة الجيوش العربية و تم طرد الدولة الأخمينية و تحرير البلاد منهم ، ولم تكتفى قيادة الاسكندر بتحرير البلاد العربية بل استجاب لأوامر معلمه ارسطوطاليس بناء على طلب النضر بن نزار بارجاع حكام المناطق الى حكمهم ومن جملتهم الحكام العرب السابقين بالرغم من اعتراض قيادات في الجيش اليوناني الذين كانوا يرغبون بالحكم المباشر لتلك المناطق و بسط النفوذ الأغريقي عليها ، الا ان ذلك لم يتم و استقلت المناطق العربية من جديد بفضل حكمة النضر بن نزار و قيادته و علاقاته الخارجية المتميزة عبر امامته للحركة الحنيفية الابراهيمية.

و سميت الحقبة التي تلت طرد الدولة الاخمينية الفارسية بدول الطوائف ، مما تسنى للنضر بن نزار ان يجمع آل عدنان و يرجعهم الى مكة و ينفق عليهم ، ولهذا سمي بقريش الاكبر (قريش تعني الجمع و النفقة ) و ارجع اقليم الحجاز الى حكم آل عدنان من جديد ، فاستقل بذلك بكامل اقليم الحجاز الممتد من مدينة بصرى جنوب دمشق الى شمال مدينة الطائف تحت حكم شوروي بقيادة آل عدنان سلام الله عليهم ، متعبدين بديانة التوحيد الابراهيمية.

رياض الشيخ باقر بوخمسين.
23/02/2014

الاثنين، 27 يناير 2014

من جمال القصص القرآني: قصة بلقيس

امتزح الحدث بقيام الحرب مع العشق في كلمات استخدم فيها القرآن الكريم اللفظ و طوعه عبر رحلة كان السيد فيها للرموز، يصوغ البيان الجمالي في قصة بلقيس. ولا يغيب عن فكرنا استحضار دلالة المعاني التي قصدها القرآن الكريم في استخدامه للكلمة الرمز و بحضرني في هذا المقام بعضا منها على النحو التالي :

1- الطير هو كبير دعاة نبي الله سليمان (أمين سر الدعوة)، حيث أن جميع المراسلات بين الدعوة وقيادتها وهيكلها تتم عبر الرسائل المشفرة التي تحملها طيور الحمام الزاجل.

2- الهدهد هو اسم أو لقب لآخر ملوك اليمن "أب بلقيس" قبل تولي بلقيس الملك وهذه إشارة إلى أن المملكة لا تزال إرث ملكي في أبناء الهدهد ولو تولّت دفته بلقيس.

3- استخدم نبي الله سياسة الترهيب والوعيد وعرض القوة كي يجعل القوم يأخذون خيار المفاوضات على خيار الحرب. واستخدام الإرهاب النفسي، المتمثل في قوله لأذبحنه أو لأعذبنه، أتى بمفعول الترهيب الذي طمح له سليمان حقنا للدماء. ويؤكد ذلك قول بلقيس "إن الملوك إذا دخلوا قرية جعلوا أعزة أهلها أذله"، و توكيد القرآن على أن ذلك هو ديدن الملوك بقوله المعقب على قول بلقيس "وكذلك يفعلون".

4- "كشفت عن ساقيها" هو مصطلح بأن أوراق الحرب قد انكشفت و من ثم بانت عورة الخصم "انهزمت الخطوط الأولى لجيش بلقيس حال دخوله في المفاوضات وإرسال الهدايا مما عجّل من التسريع في القبول بشروط نبي الله سليمان مقابل سحب جيوشه وعدم قيامه بالحرب.

5- "الذي عنده علم الكتاب" إشارة إلى وسائل النقل التي سوف تتطور في المستقبل، ضمن علوم السنن الكونية التي استودعها الله في كونه والتي هيأ خليفته الإنسان بمعرفتها عبر اكتشافاته.

وقد اختصر اللفظ القرآن في صيغ جمالية كل هذه المعاني و غيرها مما لا يسع المقام لذكرها هنا.

رياض الشيخ باقر
27/01/2014