الجمعة، 24 أكتوبر 2014

يا رحمة الله الواسعة

طلب مني أحد الأخوة التعليق على إضاءة من إضاءات الشيخ حيدر حب الله، انتشرت في قنوات التواصل الاجتماعي بعنوان "حكم إظهار المرأة مقدّمة شعرها، والحجاب في بلاد غير المسلمين"، فكتبت:

تحيتي عزيزي صلاح،

معظم الأحكام المتعلقة بالمرأة هي من المسلمات المشهورة ليس إلا. أما ما ورد في القرآن، فقد جاء النهي القطعي عن تغطية وجه المرأة بل إن صلاتها و طوافها لن يقبل في حالة تغطية الوجه و المفارقة عجيبة إذ أنه في عصر الجاهلية كانت النساء تطوف لوحدهن و الرجال لوحدهم فجمعهم الاسلام في الطواف وأحل للمرأة أن تصلي أمام  أو بجانب الرجل الأجنبي الذي جاء من بعيد و المسافر، كما أن آية الحجاب جاءت لتغطية الجيب وهو الصدر أي ( نهود المرأة ) وهي لهجة متأدبة معتادة من القرآن العزيز، كقوله "اذا لامستم النساء" او قوله "اللاتي دخلتم بهن" و يرى بعض فقهائنا ان المطلوب من المرأة هو الحشمة ليس أكثر بأن تخرج إلى مجتمعها بإنسانيتها وليس بأنوثتها و يستدلون بذلك من خلال نوع المصطلح المستخدم في القرآن عندما يذكر كلمة النساء او امرأة او أنثى، فلكل ذكر من هذه المصطلحات مقصد من مقاصد الشريعة كما أن بعض الفقهاء أمثال السيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين والشيخ الفضلي ممن عاصرتهم وشهدت مجالسهم لا يرون في الحجاب و يجهرون بذلك لمن يثقوا به في مجالسهم الخاصة و قد سمعت منهم ذلك مباشرة كما أن معظم الفقهاء لا يرون أن الحجاب، وإن لزم سائر جسد المرأة، إلا أنهم لا يرونه في الشعر من خلال ان تعريف الزينة هو ما يضاف على الشيء و من خارجه و الشعر خلق من خلق الله في الجسد
و قد دخلت معظم أحكام الفقه المتعلقة بالمرأة في التشريع من باب سد الذرائع و باب الاحتياط و أصبحت واجبة لما لها من شهرة و سطوة عرفية ليس إلا كما أن معظمها في الأصل من التوراة منحول ومتقول على نبي الله موسى ع.

فاللباس السائد ( العباءة السوداء و البرقع ) هو لباس اليهود تحقيرا لنسائهم أما في الاسلام فلبس السواد مكروه و يستحب لبس البياض دليل الطهارة و العفاف كذلك حد الرجم ليس له أصل في القرآن بل هو متقول على رسول الله ص عبر الإسرائيليات.
لكم التحية و التقدير
اخوكم
رياض

 يتبع....

إن جعل المرأة في موضع الفتنة و السوء و سبب المعصية هو تراث توراتي يجب الابتعاد عنه. ثم ما هذا الشذوذ الذي نجده لدينا والذي يجعلنا لا نتحمل رؤية خصلة شعر. أتعرف أن التحرش الجنسي في البلاد المتعصبة دينيا هو الأعلى في العالم؟
١- أفغانستان
٢- مصر
٣- السعودية

لقد قدم القرآن فضل المرأة على الرجل و نسب لها العفة و الطهارة خلافاً للرجل، فقال: "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصننا" وقال على لسان أم مريم ع "وليس الذكر كالأنثى" و استثنى في ذلك مقام الرسالة حيث يتطلب لها جهد وحركة الرجال.

فالعيب إذاً فينا اخي وليس في المرأة.

يتبع....

إن العلاقة بين الله و الإنسان أجل وأكبر مما تصوّره بعض الأحكام الفقهية. فمقاصد الشريعة يجب ان تتطابق مع مقاصد القرآن و الا فلا شك أن الشريعة قد تم تحريفها.
خذ مثلاً آية تحريم الأطعمة، فهي لم تأت إلا على ذكر تحريم
الميتة
الدم
لحم الخنزير
وما أهل لغير الله

فقط وفقط و الميتته هي الجيفة التي عرفتها الآية الاخرى: والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ومآ أكل السبع

أي ان التحريم هو تحريم تكويني مع تكوين الجسد البشري حين خلق.
فما ذكرته الآية من تحريم هو كون ما حرمته هذه الآية الكريمة فاسد و مضر لكل من يأكله بغض النظر عمن هو مؤمن أم كافر، نبي او شيطان. كما أن ما أهل لغير الله، أي ما ذبح  قرباناً لصنم او طاغية يعبد من دون الله حرمته من باب تضاربه مع وحدانية الله وكرامة الانسان. وما عدا ذلك فليس بمحرم. أي ان المذبوح الغير مذكى فيه خلاف فقهي فهو ليس بميتة ولا حرمة فيه و تركه من باب التعفف. و بعضهم أجاز ذكر البسملة عليه و أكله.

يتبع....
وهذا ينطبق على جميع الحيوانات البحرية وغيرها مما لم تذكره الآية الكريمة أكله من عدمه يأتي من خلال الذوق العام و المتعارف عليه جواز الأكل لكل ما لم تذكره آية التحريم. وبعض العلماء يرون أن توسعة دائرة الحرام هو تضييق لرحمة الله الواسعة و تحريم لما أحل الله و تحريم نعمه و زينته التي خلقها لأجل خلقه و خليفته على أرضه ألا وهو الانسان.

يتبع....
إن الهدف الأسمى من خلق الانسان هو: "إني جاعل في الأرض خليفة"

و الغاية هي:"ثم إليه ترجعون"

والوسيلة هي: "وما خلقت الجن و الإنس الا ليعبدون"

وطريق ذات الشوكة هو: "هو الذي يبليكم ليعلم أيكم احسن عملاً"

يتبع...

الخلافة هي:
معرفة الله
معرفة الانسان نفسه
عمارة الارض
كشف أسرار الكون
كشف كنوز الارض
معرفة سنن الله
معرفه العلم واكتشافه

فتأمل عالم خير من عبادة جاهل
وأنفاس العالم في نومه خير من قيام الجاهل في صلاته

يتبع...
 خلقنا، فبنا عرف، وبنا عبد، وبنا ظهر، وبنا عمرت الارض، وبنا عرفت أسماؤه و صفاته، فهو الخالق عندما خلقنا، وهو الرازق عندما رزقنا، وهو المدبر عندما دبر هذا الكون لنا، وهو المعبود عندما عبدناه، وهو الاله  عندما ألّهناه، وهو الظاهر عندما عرفناه، وهو الأول عندما أصبحنا نحن التالي، وهو الباطن و نحن الظاهر، وهو أصل الوجود ونحن الموجود، وهو الذات المتعالية و نحن النفخ - روحه - الذي استودعه في أجسادنا البشرية إلى حين يستوفيها حال وفاتنا.

يتبع...

المبالغة في تشدد الأحكام الفقهية بما لم ينزله الله ما هو إلا تضييق لرحمته و حرمان لنعمه و صرف الأنظار عن خلافته و الغوص في جهالات الكهنوت و الدروشة و الرهبانية التي ما انزل الله بها من سلطان.

إن مخ العبادة هو معرفة الله،
وأجلّ المعرفة هو حبه،
وأجلّ حبه هو عشقه،
وأما عشقه فهو خدمة عياله،
وأما أقربكم الى الله فأنفعكم لعياله،
و أنفع الناس للناس من عرف كنوز ظاهر الأرض و باطنها و عرف أسرار قوانين و انظمة كونه فاكتشف العلوم واخترع وصنع وعمر الارض. فكل العبادات مرجع فائدتها للإنسان و لا ينال الله منها شيء.

فالصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر، والزكاة طهارة وتزكية، والصوم صحة وجنة، والحج منافع للناس، و الله غني عن هذه العبادات والناس هم الفقراء إلى الله.

يتبع....

الله لا إله الا هو، هو الغني ونحن الفقراء إليه. خلقنا من روحه وصنعنا بكلتا يديه، وكلتا يدية يمين ويمينه الرحمة ويمينه الأخرى الرحمن، أحبنا فأحب أن نعرفه، نعرفه بأنه كنز مخفي، وبأننا نحن الكنز الظاهر.

يتبع....

كلتا يديه يمين، يمين فيها الرحمن و يمين فيها الرحيم. رحمة خاصة ورحمة واسعة عامة.

يتبع....
أسماء الله و صفاته مبنية على الجمال و الجلال

و قدم الجمال على الجلال واستودع الجمال في المرأة و استودع الجلال في الرجل و استودع في الجمال أكثر مما استودعه في الجلال. كما استودع في الجمال أسراره و أحب أسمائه و صفاته إليه. فقد استودع في الجمال أسماء و صفات منها :
الرحمن
الرحيم
الغفور
الودود
البديع
اللطيف
المنان
الحنان
الرؤوف
السلام
الرازق
...
و القائمة تطول

وجعل الجمال في المرأة كي تلين نفوسنا لرحمة الله و تبتل أنفاسنا بما أبدع من جمال و ترتوي من عطش الصحراء و جفافها القاتل الأثيم.

يتبع....

استفتح الله كتابه الكريم بقوله
" بسم الله الرحمن الرحيم "
جمع فيها جل وعلا اسمه الجامع الأعظم "الله" و اسمين من أسماء الجمال: الرحمن والرحيم و لم يكتفي، بل كررهمها عندما قال "الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم". فاسم الجمال "الرحمن" من أحب الأسماء إليه فعند استوائه جل وعلا شأنه على العرش قال: "الرحمن على العرش استوى" ولم يقل الجبار على العرش استوى، لأن الله جميل يحب الجمال، فلم تخرجون خلقه من رحمته؟ "فما هي الا اسماء سميتموها".

يتبع....

لذا يوجد فرق بين الاسلام و الإيمان. فالإسلام هو الدخول في رحمة الله الواسعة. فكل من يؤمن أن لهذا الكون خالقا فهو مسلم  لقول كتاب الله العزيز " أبوكم ابراهيم هو سماكم المسلمين" و قوله "ومن يرغب عن ملة ابراهيم إلا من سفه نفسه " ولا يخرجه من الإسلام إلا قتله للنفس المحرمة لقول الرسول الأكرم محمد ص:
ومن هو في دائرة الاسلام الكبرى فهو في دائرة الرحمة الواسعة
ومن في الرحمة الواسعة حرم على النار ودخل الجنة

اكتفي
ولكم تحياتي

رياض الشيخ باقر
24/10/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق