الجمعة، 9 مايو 2014

الخال المرحوم عبدالحميد بن احمد بن عبدالله بوخمسين

وجه من وجوه الرقة الانسانية و العطف والحنان الكامن الصامت الذي لا يعبر بالكلمات وإنما بالأفعال. وحتى تلك الأفعال فهي في جلها صامتة خافية بعيدة عن الأضواء وغائبة عن معرفة أقرب الأقربين. فمن عاش يتم الأم في الصغر ثم يتيم الأب و اعتصرته الحياة بقسوتها وكابد مشقتها ليس كمن ذاق رغدها وغمس يده في ملذاتها تحت الشهرة والأضواء. وهم وإن كانوا الأقربون إليه، إلا أنه لم يمد يده إليهم يوما لطلب شيئا منهم، ولو كان طلبه حقاً من حقوقه. حتى عادت نفسه تتوجس من كل دنو لأقرب الأقربين  قد يخدش إنسانيته و كبريائها.

لطالما تأملت ذاك السائح في بحر المعرفة، فهو بالكاد عرف الكتابة وعيناه أضناها غرس الإبرة ومخيطها، ومع ذلك كان يقرأ أمهات كتب الفلسفة والفكر ولا يجادل أحد في فكره أو معتقده فعنده أن ذلك من الخدش بحرمته الإنسانية التي عاش من أجل قدسيتها وكرامتها، فالفكر الحر عنده مملكة تخص كل فرد منا وهي جزء من كيانه.

لم أره إلا كريماً سخياً مع قلة الفاقة وعوزها، نعم كان ابو سهير رمزا للعفاف والكفاف والكرم. الكرم ليس بالكثرة. إنه بما تجود به النفس وهي في أمس الحاجة إليه. والكفاف هو ما قرّت به النفس وآنست بما عندها. أما العفاف فهو أن لا يسأل، حتى من أقرب المحبين إليه، حتى يخيل إليك أن فجوة ومسافة بعيدة بينك وبينه. بل إن صمتاً و جفاءً غير حقيقيين تجعل من اللحظة التي تعيشها معه في حيرة من التناقض بينه و بين مظاهر النفاق والزهو الكاذب لمجتمع قيمته في البكاء على أطلال كتب صفراء يعقبها وليمة دسمة و بوسة "خشوم".

لذا كان خالي عبدالحميد رحمه الله يطير بإنسانيته بعيداً عن هذا المجتمع تاركاً فيه أربع زهرات تفوح بالعطر و الرقي والأخلاق والكمال، إلى جانب الجمال الذي وهبه لهن.

لك مني كل الشكر و الامتنان أن وهبتني البكر من زهراتك الأربع ، سهير أيتها الزهرة الفواحة بعطر والدها و جمال خلقه وإنسانيته، فهي وهن حسنة دائمة طالما ظل عقبك يتناسل منهن زهورا ورياحين وأشجارا طيبة ونخيل تعطي أكلها كل حين.

سهير الحبيبة، التي بعطر روح والدها تفوح، لك العزاء ولتلك الروح التي تسامت في العلا الرحمة والرضوان الخالد في فسيح الجنان

مع حبي لك ولروح خالي

رياض
09/05/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق