قرأت للتو بحثاً منشوراً عن يهود صحار شرق اليمن (التابع لمملكة بني كندة في العصور الغابرة ما قبل الاسلام) أثار عندي الرغبة في كتابة ما استخلصته و باختصار من قراءات عدة فيما يخص اليهود والبلاد التي استوطنوها وعلاقتهم بأبناء عمومتهم العرب من ولد اسماعيل في البلاد العربية، وذلك من خلال مراجعة نصيّة لفهم لغز رحلة عبورهم مع نبي الله موسى عليه السلام.
كما أود أن أخص بذلك قراءة النصوص الدينية التي جاءت مسطرة لهذا الحدث فيما روته التوراة وسطرته آيات القرآن الحكيم، وبعض المراجع والبحوث المفيدة والمختصة في إعادة قراءة النص الديني و تفكيكه.
وتوضيحاً لقصد معنى تفكيك النص الديني، سأضرب مثلا بسيطا على ذلك توضيحا للقصد المبتغى. فقد قال الله جل وعلا مخاطبا مريم عليها السلام عندما جاءها المخاض في ولادتها للمسيح عليه السلام "هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا". فبصريح الآية الكريمة إن الولادة قد تمت في بلاد يكثر فيها زراعة النخيل وأن وقت الولادة هو فصل الصيف بعد أن أثمرت النخلة وتكوّن فيها الرطب وليس في فصل الشتاء ديسمبر (كانون الأول) كما هو يحتفل به الآن، فما يرويه القرآن أصدق وأبلغ وهو الحجة وعليه المعتمد.
من هنا ننطلق في قراءة النص القرآني وتفكيكه بما يفيدنا في فهم مرحلة مصيرية وتكوينية لتاريخ اليهود عبر الغور في دلالة اللفظ القرآني زمانيا ومكانيا. كما أن من المفيد الإشارة هنا والإشادة بجهود المفكر الفرنسي بول ريكور (توفي عام ٢٠٠٦م) في إعادة قراءة النص الديني وأصول التأويل ومناهجه حيث قام بوضع بعض الأطر والأفكار فيما يتعلق بما هو تاريخي وما هو أسطوري وما هو خرافي والتمييز بينهم عبر تفكيك النص وإرجاعه إلى جذوره.
وعندما نتكلم عن التاريخ في النص الديني فإننا نخص النص القرآني كونه أكثر صدقا وحفظا من التوراة ولم تمسّه أيدي المحرفين والعابثين، وبالتالي نستطيع الحصول على حقائق تاريخية ليست أسطورية أو خرافية، كما يقول المؤرخ العظيم جواد علي في مفصله "تاريخ العرب قبل الاسلام"، حيث أن التوراة قد مستها أيادي التحريف وتلاعبت بها كيفما شاءت في قصص التراث الشعبي اليهودي "الأبوكرافية" التي أعيد فيها كتابة تراث اليهود بواسطة مروياتها مما هو خرافي وأسطوري شكّل تاريخ اليهود فيما بعد. و ذلك بما يتناسب مع مصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية آنذاك. وقد تم ذلك في خلال المراحل التالي :
و حيث أن السبي البابلي لليهود بعد إجلائهم من بقايا ممالكهم عقابا لهم لكثرة قتلهم أنبيائهم استمر قرابة المائة عام من بعد انهيار ممالك بني اسرائيل إلى وقت توافقت مصالح الامبراطورية الفارسية (الأخمينيين) التي احتلت الدولة البابلية آنذاك، تطلب نشر سبايا اليهود بعد عتقهم من السبي البابلي في أرض آل اسماعيل (مملكة النبط) التي امتدت من غرب الفرات إلى البحر الأبيض شرقا وإلى مكة جنوبا ، وقد تمركز قلة من اليهود في تلال فلسطين (يهودا والسامرة) وفي خيبر ويثرب (المدينة المنورة) بالإضافة إلى ما تبقى منهم في اليمن وبالخصوص في صنعاء. وقد اشتبه المؤرخون عندما ظنوا أن أماكان رجوع اليهود واستيطانهم فيها بعد السبي هي موطنهم الأصلي قبله. ومن هنا وقع الالتباس في تحديد زمن استيطانهم أراضي اهل كنعان (فلسطين) التي استوطنها قلة من اليهود في أطراف براريها بعد السبي، ولم تطأها أقدامهم قبله.
و يأتي هذا الاشتباه من الخلط بين رحلة موسى عليه السلام إلى أرض مدين ومروره بأرض سيناء قبل البعثة وخلال تلقيه الوحي في "الوادي المقدس طوى" التي سبقت العبور زمانا. فتم الخلط بين الأمكنة والأزمنة، وساعد في ذلك أساطير التوراة ومزاعم اليهود في أرض فلسطين.
لذلك فإن ادعاء بني إسرائيل في فلسطين كأرض مقدسة وعدهم الله بها هو محض افتراء وكذبة كبرى. لذلك لم يجدوا هيكل سليمان المزعوم و لن يجدوه تحت قبة الصخرة.
مع تحياتي
رياض الشيخ باقر
١٢/١٢/٢٠١٤
كما أود أن أخص بذلك قراءة النصوص الدينية التي جاءت مسطرة لهذا الحدث فيما روته التوراة وسطرته آيات القرآن الحكيم، وبعض المراجع والبحوث المفيدة والمختصة في إعادة قراءة النص الديني و تفكيكه.
وتوضيحاً لقصد معنى تفكيك النص الديني، سأضرب مثلا بسيطا على ذلك توضيحا للقصد المبتغى. فقد قال الله جل وعلا مخاطبا مريم عليها السلام عندما جاءها المخاض في ولادتها للمسيح عليه السلام "هزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا". فبصريح الآية الكريمة إن الولادة قد تمت في بلاد يكثر فيها زراعة النخيل وأن وقت الولادة هو فصل الصيف بعد أن أثمرت النخلة وتكوّن فيها الرطب وليس في فصل الشتاء ديسمبر (كانون الأول) كما هو يحتفل به الآن، فما يرويه القرآن أصدق وأبلغ وهو الحجة وعليه المعتمد.
من هنا ننطلق في قراءة النص القرآني وتفكيكه بما يفيدنا في فهم مرحلة مصيرية وتكوينية لتاريخ اليهود عبر الغور في دلالة اللفظ القرآني زمانيا ومكانيا. كما أن من المفيد الإشارة هنا والإشادة بجهود المفكر الفرنسي بول ريكور (توفي عام ٢٠٠٦م) في إعادة قراءة النص الديني وأصول التأويل ومناهجه حيث قام بوضع بعض الأطر والأفكار فيما يتعلق بما هو تاريخي وما هو أسطوري وما هو خرافي والتمييز بينهم عبر تفكيك النص وإرجاعه إلى جذوره.
وعندما نتكلم عن التاريخ في النص الديني فإننا نخص النص القرآني كونه أكثر صدقا وحفظا من التوراة ولم تمسّه أيدي المحرفين والعابثين، وبالتالي نستطيع الحصول على حقائق تاريخية ليست أسطورية أو خرافية، كما يقول المؤرخ العظيم جواد علي في مفصله "تاريخ العرب قبل الاسلام"، حيث أن التوراة قد مستها أيادي التحريف وتلاعبت بها كيفما شاءت في قصص التراث الشعبي اليهودي "الأبوكرافية" التي أعيد فيها كتابة تراث اليهود بواسطة مروياتها مما هو خرافي وأسطوري شكّل تاريخ اليهود فيما بعد. و ذلك بما يتناسب مع مصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية آنذاك. وقد تم ذلك في خلال المراحل التالي :
- كُتبت التوراة بعد رجوع اليهود من السبي البابلي بعد القرن الخامس قبل الميلاد.
- انتشار اليهود في بلاد العرب ( بلاد آل اسماعيل ) واستيطانهم فيها على يد حكام فارس "الأخمينيين".
- يوجد فارق كبير بين ما ترويه التوراة و ما يرويه القرآن وإن بدا في ظاهره واحدا.
- أكثر الأحداث التي ترويها التوراة، يعود تاريخها إلى ما بعد وفاة موسى وإلى ولادة المسيح عليهم السلام مما يؤكد عدم اطلاع موسى عليها فهي ليست الأصلية المنزلة عليه.
- لقد تم عبور نبي الله موسى عليه السلام بشعب اسرائيل من خلال البحر وإن صدقنا ما جاءت به التوراة أن شعب إسرائيل استوطن شمال مصر (بلاد الدلتا) وارتحل بشعب اسرائيل إلى البلاد المقدسة (فلسطين) أرض كنعان، فجغرافيا ذلك الزمان تكذبه حيث ان المسافة بين البلدين برية ولا يقطعها بحر، ولم تقطع بحريا الا بعد انشاء قناة السويس.
- مما لا شك فيه أن عبور بني إسرائيل تم بحريا (اضرب بعصاك البحر) وفي نقطة التقاء بحرين (حتى بلغ مجمع البحرين) وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في عدة مواقع. وإن ادعاء البعض أن العبور تم في نقطة التقاء خليج العقبة وخليج السويس ما هو الا عجز و تجديف وتبرير لعدم معرفة الحقيقة. فكلا الخليجين جزء لا يتجزأ من بحر العرب (الاسم القديم والتاريخي للبحر الأحمر).
- إن الجذر اللغوي للغة العبرانية هو اللغة الآرامية ودخل عليها جذران آخران هما الجذر الحبشي والجذر الحميري فتشكلت اللغة العبرانية من ثلاث لغات، اللغة الآرامية (أصل اللغة العربية) واللغة الحبشية (القرن الأفريقي) و لغة الحميريين اليمنيين (العرب الجنوبيون).
- غضب بني اسرائيل على موسى عليه السلام عندما تزوج امرأة حبشية حيث استوطن بني اسرائيل القرن الأفريقي سنين التيه.
- إن هذا يفسر وجود قبائل الفلاشا اليهودية في كينيا، فهم بقايا المتخلفين من بني اسرائيل (أحفاد أحد الأسباط) عن رحلة العبور.
ونستخلص مما سبق أن موسى عليه السلام في رحلة خروجه من مصر ذهب ببني إسرائيل جنوباً إلى بلاد الحبشة وليس شرقاً. ثم عبروا شرقاً، وهذا تفسير كلمة مجمع البحرين من خلال عبورهم مضيق باب المندب نقطة التقاء البحرين، بحر العرب التاريخي (البحر الأحمر) وبحر السند (بحر العرب المعاصر والمحيط الهندي) ، كما يفسر الخليط اللغوي الذي تتكون منه اللغة العبرانية حيث تشبعت اللغة الآرامية (الجذر الأساس) ببعض الكلمات الحبشية ثم تشبعت ببعض الكلمات الحميرية وبالخصوص لهجة قبائل اللخميين (مثل بيت لخم) فتكون من هذا المجموع اللغة العبرانية الحالية، وهذا دليل قطعي آخر لا لبس فيه لمسار العبور لبني اسرائيل
وبالتالي تكون الممالك التي تعاقبت على بني اسرائيل منذ ترحالهم مع نبي الله موسى عليه السلام حوالي عام ١٥٠٠ قبل الميلاد إلى عام ٦٠٠ قبل الميلاد (تسعمائة سنة) كانت جميعها في جنوب غرب جزيرة العرب بما فيها مملكة نبي الله داوود وسليمان عليهما السلام.
وبالتالي تكون الممالك التي تعاقبت على بني اسرائيل منذ ترحالهم مع نبي الله موسى عليه السلام حوالي عام ١٥٠٠ قبل الميلاد إلى عام ٦٠٠ قبل الميلاد (تسعمائة سنة) كانت جميعها في جنوب غرب جزيرة العرب بما فيها مملكة نبي الله داوود وسليمان عليهما السلام.
و حيث أن السبي البابلي لليهود بعد إجلائهم من بقايا ممالكهم عقابا لهم لكثرة قتلهم أنبيائهم استمر قرابة المائة عام من بعد انهيار ممالك بني اسرائيل إلى وقت توافقت مصالح الامبراطورية الفارسية (الأخمينيين) التي احتلت الدولة البابلية آنذاك، تطلب نشر سبايا اليهود بعد عتقهم من السبي البابلي في أرض آل اسماعيل (مملكة النبط) التي امتدت من غرب الفرات إلى البحر الأبيض شرقا وإلى مكة جنوبا ، وقد تمركز قلة من اليهود في تلال فلسطين (يهودا والسامرة) وفي خيبر ويثرب (المدينة المنورة) بالإضافة إلى ما تبقى منهم في اليمن وبالخصوص في صنعاء. وقد اشتبه المؤرخون عندما ظنوا أن أماكان رجوع اليهود واستيطانهم فيها بعد السبي هي موطنهم الأصلي قبله. ومن هنا وقع الالتباس في تحديد زمن استيطانهم أراضي اهل كنعان (فلسطين) التي استوطنها قلة من اليهود في أطراف براريها بعد السبي، ولم تطأها أقدامهم قبله.
و يأتي هذا الاشتباه من الخلط بين رحلة موسى عليه السلام إلى أرض مدين ومروره بأرض سيناء قبل البعثة وخلال تلقيه الوحي في "الوادي المقدس طوى" التي سبقت العبور زمانا. فتم الخلط بين الأمكنة والأزمنة، وساعد في ذلك أساطير التوراة ومزاعم اليهود في أرض فلسطين.
لذلك فإن ادعاء بني إسرائيل في فلسطين كأرض مقدسة وعدهم الله بها هو محض افتراء وكذبة كبرى. لذلك لم يجدوا هيكل سليمان المزعوم و لن يجدوه تحت قبة الصخرة.
مع تحياتي
رياض الشيخ باقر
١٢/١٢/٢٠١٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق