السبت، 1 نوفمبر 2014

خطبة الشيخ الدكتور اسماعيل المشاجرة لليلة الثامنة في مأتم النمر لمحرم عام ١٤٣٦هجرية

بعد مقدمة نعى فيها الشيخ القاسم بن الحسن عليهما السلام، استهل سماحته محاضرته بالآية الكريمة "أولم يرى الذين كفروا ان السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما، و جعلنا من الماء كل شيء حي، أفلا يؤمنون".

وقد أمتعنا الشيخ المشاجرة الليلة بالتفكر في عظمة خلق الله والتحير في الروائع الدالة عليه.
وهي محاضرة علمية بامتياز قام الشيخ بتفصل اركانها و بسط محتوياته ، حيث سرد  وبتسلسل سلس و دقيق وباختصار غير مخل،  بعض نظريات خلق الكون، وكيف أن بعض علماء الفيزياء الذين أرادوا اكتشاف هذه العلوم استغلوا علمهم المادي الطبيعي هذا كباب لإثارة المغالطات الفلسفية والعقلية والعقدية بإنكار (العلة الاولى) وأثر الخالق في خلقه، وما لهذه النظريات في انتشار "ظاهرة الألحاد".

وقد استعرض بعد الآية الكريمة الإحصاءات التي تشير إلى ظاهرة الإلحاد التي وصلت في المملكة إلى ٦٪ و إحصاءات أخرى تقول ١٠٪، و أرجع  ذلك إلى أطروحة نشطة رُوج للإلحاد من خلالها، قد طُرحت في  كتاب ألفه العالم الفيزيائي الكبير ستيفن هوكنغ، و تدور فكرته حول الخلق و التكوين و يحمل اسم "التصميم العظيم - The Grand Design"، والذي حاول كاتبه إثبات أن العالم ليس بحاجة إلى خالق. وتدور فصول الكتاب جميعاً حول نمطين من الحديث أحدهما فلسفي والآخر فيزيائي.

وقد حاول الكاتب إلغاء مباحث الفلسفة للتدليل على أكتشاف الكون ومعرفة تكوينه التي لا يجيب عليها إلا علم الفيزياء ونظرياته واستنج أن الكون والموجودات عامة  ليست بحاجة إلى خالق وأن الكون مخلوق من العدم بالصدفة وقد فصل الكاتب نظريته في مراحل عبر فصول  الكتاب على النحو التالي :

١- ظاهرة توسع الكون التي جاء بها العالم أدون هابل، وظاهرة الانزياح الأحمر، التي ساعدت على استنتاج أن الكواكب في حالة تباعد وأن الكون في حالة اتساع مستمر.
٢- ربط العلماء بين اكتشاف هابل ونظرية الانفجار العظيم - Big Bang.
٣- لاحظ العلماء أن الانفجار العظيم نشأ عن نقطة صغيرة (تسمى النقطة الأحادية-singularity point) نشأ عنها انفجار مهول رافقه وتلاه تضخم لمادة الكون الناشئة من هذه النقطة. وقد حصل ذلك بسرعة تفوق لمح البصر.
٤- إن نشأة الكون من نقطة متناهية الصغر يقتضي معرفة ودراسة الجسيمات الصغيرة. ومن هذه الدراسة ظهرت تجربة تعنى بدراسة حركة الجزيئات الصغيرة، وهي تجربة الشق المزدوج (مستخدمين فيها ذرات الكربون المشعة) . ونتيجة لهذه التجربة، استنتج العلماء أن الجسيمات الصغيرة تتبدل، والنتيجة الثانية  أن الجسيم الصغير الواحد يتواجد في أكثر من مكان واحد (مليارات الأماكن في آن واحد).
5-  أنه يستحيل دراسة الجسيم الصغير الواحد، وهذا القول يعود الى أنشتاين،  حيث لا يوجد شخص قادر على حصر تحركات الجسيم.
6-  من خلال ما سبق من استنتاجات لتلك النظريات، توصل هوكنغ إلى مبدأ عدم اليقين، الذي نادى به العالم هايزنبرج. واستحالة إمكان وضع قانون يصف حركة الجسيمات.

7- من خلال إسقاط سلوك الجسيمات الصغيرة التي لوحظت في تجربة الشق المزدوج، فقد خرج العلمات بنظرية في غاية الخطورة، وهي أن خلق أكوان لا نهائية ناشئة عن النقطة الأحادية، على غرار الجسيم الذي يبدأ من نقطة وينتهي إلى عدد لا حصر له من الأماكن. وقد عرفت هذه بنظرية الأكوان البديلة.
٧- ستيفن هوكنجغ يقول بنظرية الانفجار العظيم ونشوء مليارات الأكوان لكنه يقول بفسدانها لعدم توفر الظروف الفيزيائية المؤاتية. ولم يبق من تلك الأكوان إلا كوننا فقط، الذي هيأت له الصدفة الظروف المطلوبة.

واستخلص من تلك النظريات السابقة ثلاث نتائج :
١- نظرية الأكوان المتعددة وسائر النظريات الأخرى نستطيع أن نجمعها ونعبر عنها باسم نظرية (إم). وباستخدام نطرية إم فإننا لسنا بحاجة إلى خالق لتفسير خلق الكون. لأن نظرية إم هي التي تقوم بعملها.
٢- الكون هو ليس جسيم بل فراغ أي تكون من العدم.
٣- نشوء وبقاء كوننا اعتمد على الصدفة.

مناقشة النظرية :
١- القانون العلمي، هل هو الذي يوجد الظاهرة أم لا يتعدى حاله في وصف الظاهرة؟ والجواب هو أن القانون يصف الظاهرة فقط ولم يوجدها. والدليل أن جهلنا بهذا القانون لا يبطل أثره.فالأرض تدور حول الشمس بقوانين دقيقة، وجهلنا بهذا القانون لا يبطلها.
٢- نظرية العدم لا يقبله العقل ففاقد الشيء لا يعطية، فالعدم فاقد الوجود فليس بإمكانه إيجاد الوجود. فهل العدم ينشئ العدم، و هل  العدم هو الفراغ الذي ينشئ عنه ( طاقة الفراغ ) الذي ينشئ رغوة الزمكان (أو ما يعبر عنه أيضاً بالمتَّصَل الزمكاني).
٣- الكون بقي نتيجة الصدفة، فالصدفة إما معقولة أو غير معقوله ، والإيمان بالصدفة هو انهيار تام لكل القوانين والأنظمة. والغريب أن هوكنجغ يتكلم عن دقة الكون (ويضرب بذلك مثال المسار الاهليجي) ويصف دقته وهذه الدقة هي التي حفظت الأجرام الفلكية ومجموعاتها ولكنه يرجع بالرغم من الوصف الدقيق لكل العناصر الموجودة في الكون للصدفة. وضرب الشيخ مثلا على بطلان الصدفة التي ارتكز عليها هوكنجغ ، بمثال ضربه أحد العلماء ، عندما قال "هل الصدفة سوف تجعل من رجل على بعد (١٤ ) اربعة عشر مليار سنة ضوئية من على الضفة الاخرى للكون، إذا رمى سهما على هدف، هل يصيبه؟" ولا يوجد من يقبل هذا.

واستخلص الشيخ بأنه لا بد من قدرة إلهية تتحكم في حركة الجزيئيات التي تكون منها هذا الكون. إن هذه النظريات على عكس ما أراد منها اصحابها فهي تؤيد وجود القدرة والأيدي الإلهية التي توجد وتنظم وتوجه وتجعل في الأشياء خواصها، وهي قدرة واحدة عظيمة ، جاء الرسل يؤكدون على وجودها وبأنها أصل لوجود الكون وكل الموجودات، ويتمثل ذلك في مبدأ التوحيد الذي بذلوا فيه مهجهم و مهج احبابهم.

شكراً للشيخ  على طرحه للموضوع بشكل يستطيع الجميع فهمه واستيعابه. بالرغم من القول بأن الموضوع نخبوي  بأمتياز، وهو ليس لمن  لا اطلاع لديه على تلك العلوم أو ليس عنده متابعة بما يدور في الساحة، فهو  لن يراه ذا أهمية ولكنه مهم جداً للنظر لما يدور في ساحتنا، و لمواجهة التحديات المطروحة فيها.

لم يسعف الوقت محاضرنا في عرض هذه النظريات على القرآن الكريم و ما روي من سنة النبي وأهل بيته
كما أنه لم يعرضها على أقوال الفلاسفة وعلماء العرفان الاسلامي.

لحضور المحاضرة كاملةً على اليوتيوب:
http://www.youtube.com/watch?v=nUA7bOqR35g


إعداد وتلخيص: رياض الشيخ باقر
ضبط وتحرير: المختار الشيخ موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق