الاثنين، 30 مارس 2015

قواعد العشق الأربعون: الحلقة الثانية


إذا رميت حجرا في مياه متدفقة فلن ترى أثرا لذلك فالموجة الحادثة جراء ذلك سوف تكبحها مياه النهر المتدفقة، أما إذا رميت حجرا في بركة راكدة سوف يدوم تأثيرها اكثر إذ ستتشكل دائرة بعدها دوائر تتسع وموجات تظهر على سطح الماء حتى تبلغ الدوائر شاطىء البركة و لن تعود البركة ذاتها مرة أخرى.

و حياتنا مثل البركة الراكدة التي تتكون من العادات والاحتياجات والأمور الرتيبة المتوقعة وغير المتعبة وبدون أي شغف أو رغبة ، فعاداتنا تخلو من العاطفة و من العشق فلا يسود فيها التفاهم ولا المودة ولا الرحمة، فالحب في حياتنا شيء ثانوي والأمور الإلهية في حياتنا طقسية وليست روحانية، فالعشق ليس مجرد شعور حلو مقدرا له أن يأتي و يذهب بسرعة.

لقد طغت الأمور المادية ( البيت والأملاك العقارية والحسابات البنكية والسيارات الفارهة ) على كل شيء حتى عدنا غرباء عن أقرب الناس لنا، بل أصبحنا غرباء على أنفسنا ولم نعد نعرف من نحن.

شغلتنا حياتنا بأجسادنا و ملذاتها وما تحتاجه، ولم نعر أرواحنا أي اهتمام ولم نعد نهتم بمن حولنا وبمشاعره، وضاقت دائرة مشاعرنا فأخرجنا كل مختلف عنا في الدين والعادات والعرق والجنس منها. العشق هو جوهر الحياة وهدفها السامي فإنه يقرع أبواب الجميع كما يقول ابن الرومي.

يتعين علينا أن نطلع و نقرأ كي نؤدي أعمالنا بشكل أفضل، ولكن في معظم الأحيان يتعين علينا ان نقرأ كتبا لا علاقة لها بحياتنا العملية وعلينا عدم العجلة في الحكم على الأمور فقد خلق الله الكون في ستة أيام. وعلينا عدم الحكم على الناس بسبب دينهم أو لون بشرتهم أو عملهم. إن مخالطة أناس ينتمون إلى خلفيات مختلفة عنا ليست مغامرة كبيرة، بل إن ربط الناس بثقافات وعادات مختلفة ومن أوطان متعددة يعتبر تجلي قوي للإنسانية الكامنة فينا والتي قتلناها أو حاولنا قتلها عبر مسلمات وعادات لا صحة لها.

هذه رواية من خلالها سوف نعرج في رحلة ما بين عالم الملكوت وعالم الناسوت عبر قصص تدور أحداثها في القرن الثالث عشر في مدينة قونية بآسيا الصغرى، وهي أحداث تسري على جميع البلدان والثقافات والقرون، فلا يختلف ذاك القرن عن القرن الواحد والعشرين وسيدوّن التاريخ أن هذين القرنين كانا عصرا صراعات دينية إلى حد لم يسبق له مثيل، و عصر ساد فيه سوء التفاهم الثقافي والشعور العام بعدم الأمان والخوف من الآخر.

هي رواية باطنية تاريخية تتحدث عن العلاقة الرائعة التي ربطت الشاعر العرفاني المتصوف جلال الدين الرومي الذي شاع صيته وشهرته في التاريخ الاسلامي ، و بين شمس التبريزي الدرويش المميز المجهول المليء بالفضائح و المفاجآت.

أخوكم
رياض الشيخ باقر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق