الاثنين، 30 مارس 2015

قواعد العشق الأربعون: الحلقة الثالثة


كان القرن الثالث عشر الميلادي مليئاً بالصراعات الدينية والنزاعات السياسية والقتال الوحشي على انتزاع السلطة. فترة مضطربة عاشها العالم الاسلامي والمسيحي الشرقي وكانت هضبة الأناضول مسرحا رئيساً لها. فقد احتل الصليبيون القسطنطينية وعاثوا فيها فساداً وهم في طريقهم لاحتلال القدس، فقسمت الامبراطورية البيزنطية.

وفي الشرق انتشرت جيوش المغول بقيادة جنكيز خان، وفي الوسط كانت القبائل التركية تتحارب في ما بينها، في حين يئس البيزنطيون من استرجاع مجد إمبراطوريتهم.

كانت فترة فوضى لم يسبق لها مثيل. مسيحيون يقاتلون مسيحيين، و مسلمون يقاتلون مسلمين، و مسيحيون يقاتلون مسلمين ، قتال وخوف ودمار ومجاعة ومشردون في كل مكان. فغلبت شريعة الغاب على كل الشرائع، وفي خضم ذلك كله عاش عالم إسلامي جليل عرف باسم جلال الدين الرومي الملقب بـ"مولانا". وفي العام ١٢٤٤ الميلادي التقى مولانا الرومي بالدرويش المتجول شمس التبريزي ذي التصرفات الغريبة والآراء الهرطقية. وقد غير لقاؤهما هذا حياة كل منهما، فقد اتحد محيطان اثنان، كل يجود بكنوزه للآخر. فقد تحول مولانا الرومي من رجل دين عادي تقليدي إلى شاعر عرفاني يدعو إلى الحب والحكمة، فبدلا من أن يدعو إلى الجهاد ضد الكفار دعى إلى الجهاد ضد النفس، إلى "الجهاد الداخلي" لقهر النفس المتسلطة المليئة بالتعصب والنزاعات الدينية.

لم تلقى آراء مولانا الرومي القبول عند الناس وأوعزوا ذلك كله بحبه الروحي لشمس التبريزي فأصبحت محل ذم و شتم و دارت حول علاقتهما الإشاعات  وانتهت علاقتهما التي دامت ثلاث سنوات بمأساة  قاسية دفع التبريزي حياته ثمنا لها.

لكنّ حكايتهما لم تنتهي فبعد مضي زهاء ثمانمائة سنة لا تزال روح شمس وروح الرومي تنبضان بالحياة وما أشد احتياجنا لروحيهما في هذا العصر العصيب الذي شابه عصرهما لنستفيد من حكمتهما في إشاعة روحانية عالمية أمام جميع بني البشر من مختلف مشاربهم و خلفياتهم الدينية و الثقافية.

أخوكم
رياض الشيخ باقر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق