الاثنين، 30 مارس 2015

قواعد العشق الأربعون: الحلقة السادسة


شمس التبريزي في حلة الطين


استلقيت في العتمة من جديد (الدنيا) واسترجعت متمعنا في أي إشارة إلهية ربما أكون قد رأيتها. لكنني في عجلتي وجهلي لم أدرك أيا منها. كنت في طفولتي أرى رؤى وأسمع أصواتا، وكنت أكلم الله وكان يرد علي على الدوام، كنت أصعد إلى السماء بخفة شديدة ثم أهبط إلى أعمق حفرة في الأرض تفوح منها رائحة التراب.

لقد أمضيت حياتي وأنا أطوف في أرجاء العالم.  اتبعت السراط ورأيت الجميع مثل كتاب مفتوح قرآنا متنقلا.  ابتعدت عن أبراج العلماء العاجية وفضلت قضاء وقتي مع المنبوذين والمهاجرين والمنفيين، فأنا أعرف السباحة لذلك سوف أسبح حيث أن المحيط هو موطني.

ولذلك كنت أطوف شرقا وغربا بحثا عن الله في كل مكان. أبحث عن حياة جديرة بالحياة وأبحث عن معلومات جديدة جديرة بالمعرفة.

من خلال هذه الرحلات والتجارب، رحت أجمع و أدون "المبادىء الأساسية للصوفيين الجوالين في الاسلام" كما هي قوانين الطبيعة  وهي ثابتة وموثوقة وتشكل مدونة "القواعد الأربعون لدين العشق" التي لا تتحقق إلا من خلال العشق والعشق وحده.

وتقول القاعدة الثانية من قواعد العشق:

"إن الطريق إلى الحقيقة تمر من القلب، لا من الرأس فاجعل قلبك لا عقلك دليلك الرئيس، واجه وتحدّ وتغلب في نهاية المطاف على "النفس" بقلبك، وإن معرفتك بنفسك ستقودك إلى معرفة الله."

لم يكن الموت هو الذي يقلقني لأنني لم أكن أعتبره نهاية، بل ما كان يقلقني هو أن أموت من دون أن أخلف تراثا، إذ يتكدس على صدري حشد من الكلمات. كنت أريد أن أنقل المعارف التي توصلت إليها، إني أبحث عن نظير يكون لي رفيق.

وبغتة هبط أمام عيني نور شديد السطوع وأصبح الهواء نقيا وحيا واندفعت ريحا عاصفة حملت رائحة الزنبق والياسمين من حدائق بعيدة "اذهب إلى بغداد" قال لي ملاكي الحارس "وما الذي ينتظرني في بغداد"، "لقد طلبت رفيقا وستعطى رفيقا، ستجد في بغداد السيد الذي سيوجهك إلى الطريق القويم".

سأعرف لماذا كانت عينا رفيقي الروحي حزينتين إلى الأبد، و كيف قُتلت في ليلة من ليالي مطلع الربيع.

أخوكم
رياض الشيخ باقر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق